تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٦٥
آلهة حقة وحاصل الآية نفى الدليل العقلي والسمعي معا على ألوهيتها وكونها شركاء لله سبحانه وهو بعيد من اللفظ.
ووجه الارتباط بين هذه الحجج الثلاث انهم في عبادتهم الأصنام وجعلهم لله شركاء مترددون بين محاذير ثلاثة اما ان يقولوا بشركتها من غير حجة إذ ليس لها من الأوصاف ما يعلم به انها شركاء لله واما ان يدعوا ان لها أوصافا كذلك هم يعلمونها ولا يعلم بها الله وسبحانه واما ان يكونوا متظاهرين بالقول بشركتها من غير حقيقة وهم يغرون الله بذلك تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
قال الزمخشري في الكشاف وهذا الاحتجاج وأساليبه العجيبة التي ورد عليها مناد على نفسه بلسان طلق ذلق انه ليس من كلام البشر لمن عرف وانصف على نفسه انتهى كلامه.
قوله تعالى: " بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد " اضراب عن الحجج المذكورة ولوازمها والمعنى دع هذه الحجج فإنهم لا يجعلون له شركاء لشئ من هذه الوجوه بل مكر زينه لهم الشيطان وصدهم بذلك عن سبيل الله تعالى وذلك انهم على علم بأنه لا حجة على شركتها وان مجرد الدعوى لا ينفعهم لكنهم يريدون بترويج القول بألوهيتها وتوجيه قلوب العامة إليها عرض الدنيا وزينتها ودعوتك إلى سبيل الله مانعة دون ذلك فهم في تصلبهم في عبادتها ودعوة الناس إليها والحث على الاخذ بها يمكرون بك من وجه وبالناس من وجه آخر وقد زين لهم هذا المكر وهو السبب في جعلهم إياها شركاء لا غير ذلك من حجة أو غيرها وصدوا بذلك عن السبيل.
فهم زين لهم المكر وصدوا به عن السبيل والذي زين لهم وصدهم هو الشيطان باغوائهم وأضلوا والذي أضلهم هو الله سبحانه بامساك نعمة الهدى منهم ومن يضلل الله فما له من هاد.
قوله تعالى: " لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق " أشق افعل من المشقة وواق اسم فاعل من الوقاية بمعنى الحفظ.
وفى الآية ايجاز القول فيما وعد الله الذين كفروا من العذاب في الآيات السابقة وفي
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست