قوله: " وما لهم من الله من واق " نفى الشفاعة وتأثيرها في حقهم أصلا ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: " مثل الجنة التي وعد المتقون اكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار " المثل هو الوصف يمثل الشئ.
وفى قوله مثل الجنة الخ بيان ما خص الله به المتقين من الوعد الجميل مقابلة لما اوعد به الذين كفروا وليكون تمهيدا لما يختم به القول من الإشارة إلى محصل سعى الفريقين في مسيرهم إلى ربهم ورجوعهم إليه وقد قابل الذين كفروا بالمتقين إشارة إلى أن الذين ينالون هذه العاقبة الحسنى هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات دون المؤمنين من غير عمل صالح فإنهم مؤمنون بالله كافرون بآياته.
ومن لطيف الإشارة في الكلام المقابلة بين المؤمنين والمشركين أو لا بتعبير المتقون والذين كفروا وأخيرا بقوله الذين اتقوا والكافرون ولعل فيه تلويحا إلى أن الفعل الماضي والصفة ههنا واحد مدلولا ومجموع أعمالهم في الدنيا مأخوذ عملا واحدا ولازم ذلك أن يكون تحقق العمل وصدور الفعل مرة واحدة عين اتصافهم به مستمرا ويفيد حينئذ قولنا الكافرون والمتقون الدالان على ثبوت الاتصاف وقولنا الذين كفروا والذين اتقوا الدالان على تحقق ما للفعل مفادا واحدا وهو قصر الموصوف على صفته واما من تبدل عليه العمل كأن تحقق منه كفر أو تقوى ثم تبدل بغيره ولم يختتم له العمل بعد فهو خارج عن مساق الكلام فافهم ذلك.
واعلم أن في الآيات السابقة وجوها مختلفة من الالتفات كقوله " كذلك أرسلناك " ثم قوله بل لله الامر ثم قوله فأمليت للذين كفروا ثم قوله وجعلوا لله شركاء والوجه فيه غير خفى فالتعبير بمثل أرسلناك للدلالة على أن هناك وسائط كملائكة الوحي مثلا والتعبير بمثل بل لله الامر جميعا للدلالة على رجوع كل أمر ذي وسط أو غير ذي وسط إلى مقام الألوهية القيوم على كل شئ والتعبير بمثل فأمليت للذين كفروا ثم اخذتهم للدلالة على أنه لا واسطة في الحقيقة يكون شريكا أو شفيعا كما يدعيه المشركون.
ثم قوله تعالى: " تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار " إشارة إلى خاتمة أمر