تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٦٩
وقد وردت من طريق السمع روايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت (ع) تصدق ذلك وتؤيده.
لكن الباحثين من علماء الطبيعة من أوربا لا يرون لها حقيقة ولا للبحث عن شأنها وارتباطها بالحوادث الخارجية وزنا علميا الا بعضهم من علماء النفس ممن اعتنى بأمرها واحتج عليهم ببعض المنامات الصحيحة التي تنبئ عن حوادث مستقبلة أو أمور خفية أنباء عجيبا لا سبيل إلى حمله على مجرد الاتفاق والصدفة وهى منامات كثيرة جدا مروية بطرق صحيحة لا يخالطها شك كاشفة عن حوادث خفية أو مستقبلة اوردها في كتبهم.
2 - وللرؤيا حقيقة ما منا واحد الا وقد شاهد من نفسه شيئا من الرؤى والمنامات دله على بعض الأمور الخفية أو المشكلات العلمية أو الحوادث التي ستستقبله من الخير أو الشر أو قرع سمعه بعض المنامات التي من هذا القبيل ولا سبيل إلى حمل ذلك على الاتفاق وانتفاء أي رابطة بينها وبين ما ينطبق عليها من التأويل وخاصة في المنامات الصريحة التي لا تحتاج إلى تعبير.
نعم مما لا سبيل أيضا إلى انكاره ان الرؤيا أمر ادراكي وللخيال فيها عمل والمتخيلة من القوى الفعالة دائما ربما تدوم في عملها من جهة الانباء الواردة عليها من ناحية الحس كاللمس والسمع وربما تأخذ صورا بسيطة أو مركبة من الصور والمعاني المخزونة عندها فتحلل المركبات كتفصيل صورة الانسان التامة إلى رأس ويد ورجل وغير ذلك وتركب البسائط كتركيبها انسانا مما اختزن عندها من اجزائه وأعضائه فربما ركبته بما يطابق الخارج وربما ركبته بما لا يطابقه كتخيل انسان لا رأس له أو له عشرة رؤس.
وبالجملة للأسباب والعوامل الخارجية المحيطة بالبدن كالحر والبرد ونحوها والداخلية الطارئة عليه كأنواع الأمراض والعاهات وانحرافات المزاج وامتلاء المعدة والتعب وغيرها تأثير في المتخيلة فلها تأثير في الرؤيا.
فترى ان من عملت فيه حرارة أو برودة بالغة يرى في منامه نيرانا مؤججة أو الشتاء والجمد ونزول الثلوج وان من عملت فيه السخونة فألجمه العرق يرى الحمام وبركان الماء ونزول الأمطار ونحو ذلك وان من انحرف مزاجه أو امتلأت معدته يرى رؤيا مشوشة لا ترجع إلى طائل.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست