وفيه ان سياق الآيات كما عرفت لا يساعد على هذا التقدير ولا يلائمه قوله بعده " بل لله الامر جميعا " وكذا قوله بعده " أفلم ييأس الذين آمنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " كما سنشير إليه إن شاء الله ولذلك تكلفوا في قوله بل لله الامر جميعا بما لا يخلو عن تكلف.
فقيل ان المعنى لو أن قرآنا فعل به ذلك لكان هو هذا القرآن ولكن لم يفعل الله سبحانه بل فعل ما عليه الشأن الان لان الامر كله له وحده.
وقيل إن حاصل الاضراب انه لا تكون هذه الأمور العظيمة الخارقة بقرآن بل تكون بغيره مما اراده الله فان جميع الامر له تعالى وحده.
وقيل إن الأحسن ان يكون قوله بل لله الامر جميعا معطوفا على محذوف والتقدير ليس لك من الامر شئ بل الامر لله جميعا.
وأنت ترى ان السياق لا يساعد على شئ من هذه المعاني وان حق المعنى الذي يساعد عليه السياق ان يكون اضرابا عن نفس الشرطية السابقة على تقدير الجزاء نحوا من قولنا لم يكن لهم ان يهتدوا به الا ان يشاء الله.
قوله تعالى: " أفلم ييأس الذين آمنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " تفريع على سابقه.
ذكر بعضهم ان اليأس بمعنى العلم وهى لغة هوزان وقيل لغة حي من النخع وأنشدوا على ذلك قول سحيم بن وثيل الرباحي أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني * ألم تيأسوا انى ابن فارس زهدم وقول رباح بن عدي ألم ييأس الأقوام انى انا ابنه * وان كنت عن ارض العشيرة نائيا ومحصل التفريع على هذا انه إذا كانت الأسباب لا تملك من هدايتهم شيئا حتى قرآن سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى وان الامر لله جميعا فمن الواجب ان يعلم الذين آمنوا ان الله لم يشأ هداية الذين كفروا ولو يشاء الله لهدى الناس جميعا