تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٥٥
انه هو السميع بأقوال عباده العليم بأحوالهم (أبحاث حول التقوى الديني ودرجاته) في فصول 1 - القانون والأخلاق الكريمة والتوحيد لا يسعد القانون الا بايمان تحفظه الأخلاق الكريمة والأخلاق الكريمة لا تتم الا بالتوحيد فالتوحيد هو الأصل الذي عليه تنمو شجرة السعادة الانسانية وتتفرع بالأخلاق الكريمة وهذه الفروع هي التي تثمر ثمراتها الطيبة في المجتمع قال تعالى: " ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار " إبراهيم: 26 فجعل الايمان بالله كشجرة لها أصل وهو التوحيد لا محالة " واكل تؤتيه كل حين باذن ربها " وهو العمل الصالح وفرع وهو الخلق الكريم كالتقوى والعفة والمعرفة والشجاعة والعدالة والرحمة ونظائرها.
وقال تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " الفاطر: 10 فجعل سعادة الصعود إلى الله وهو القرب منه تعالى للكلم الطيب وهو الاعتقاد الحق وجعل العمل الذي يصلح له ويناسبه هو الذي يرفعه ويمده في صعوده.
بيان ذلك: ان من المعلوم ان الانسان لا يتم له كماله النوعي ولا يسعد في حياته التي لا بغيه له أعظم من اسعادها الا باجتماع من افراد يتعاونون على اعمال الحياة على ما فيها من الكثرة والتنوع وليس يقوى الواحد من الانسان على الاتيان بها جميعا.
وهذا هو الذي أحوج الانسان الاجتماعي إلى أن يتسنن بسنن وقوانين يحفظ بها حقوق الافراد عن الضيعة والفساد حتى يعمل كل منهم ما في وسعه العمل به ثم يبادلوا أعمالهم فينال كل من النتائج المعدة ما يعادل عمله ويقدره وزنه الاجتماعي من غير أن يظلم القوى المقتدر أو يظلم الضعيف العاجز.
ومن المسلم ان هذه السنن والقوانين لا تثبت مؤثرة الا بسنن وقوانين أخرى جزائية
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست