ومن ذلك يظهر ان الخبر في قوله: " أفمن هو قائم " الخ محذوف يدل عليه قوله وجعلوا لله شركاء ومن سخيف القول ما نسب إلى الضحاك ان المراد بقوله:
" أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " الملائكة لكونهم موكلين على الأعمال والمعنى أفيكون الملائكة الموكلون على الأعمال بأمره شركاء له سبحانه؟ وهو معنى بعيد من السياق غايته.
قوله تعالى: " قل سموهم أم تنبؤنه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول " لما ذكر سبحانه قوله " وجعلوا لله شركاء " عاد إليهم ببيان يبطل به قولهم ذلك مأخوذ من البيان السابق بوجه.
فأمر نبيه بان يحاجهم بنوع من الحجاج عجيب في بابه فقال قل سموهم أي صفوهم فان صفات الأشياء هي التي تتعين بها شؤنها وآثارها فلو كانت هذه الأصنام شركاء لله شفعاء عنده وجب ان يكون لها من الصفات ما يسوى لها الطريق لهذا الشأن كما يقال فيه تعالى انه حي عليم قدير خالق مالك مدبر فهو رب كل شئ لكن الأصنام إذا ذكرت فقيل هبل أو اللات أو العزى لم يوجد لها من الصفات ما يظهر به انها شريكة لله شفيعة عنده.
ثم قال أم تنبؤنه بما لا يعلم في الأرض وأم منقطعة أي بل أتنبؤنه بكذا والمعنى ان اتخاذكم الأصنام شركاء له أنباء له في الحقيقة بما لا يعلم فلو كان له شريك في الأرض لعلم به لان الشريك في التدبير يمتنع ان يخفى تأثيره في التدبير على شريكه والله سبحانه يدبر الامر كله ولا يرى لغيره اثرا في ذلك لا موافقا ولا مخالفا والدليل على أنه لا يرى لنفسه شريكا في الامر انه تعالى هو القائم على كل نفس بما كسبت وبعبارة أخرى ان له الخلق والامر وهو على كل شئ شهيد بالبرهان الذي لا سبيل للشك إليه والآية بالجملة كقوله في موضع آخر: " قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض " يونس: 18.
ثم قال أم بظاهر من القول أي بل أتنبؤنه بان له شركاء بظاهر من القول من غير حقيقة وهذا كقوله: " ان هي الا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم " النجم: 23.
وعن بعضهم ان المراد بظاهر من القول ظاهر كتاب نازل من الله تسمى فيه الأصنام