تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٧٣
(بيان سورة يوسف مكية وهى مائة واحدى عشرة آية) بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين - 1. انا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون - 2. نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين - 3.
(بيان) غرض السورة بيان ولاية الله لعبده الذي أخلص ايمانه له تعالى اخلاصا وامتلا بمحبته تعالى لا يبتغى له بدلا ولم يلو إلى غيره تعالى من شئ، وان الله تعالى يتولى هو امره فيربيه أحسن تربية فيورده مورد القرب ويسقيه فيرويه من مشرعة الزلفى فيخلصه لنفسه ويحييه حياة الهية وان كانت الأسباب الظاهرة أجمعت على هلاكه، ويرفعه وان توفرت الحوادث على ضعته، ويعزه وان دعت النوائب ورزايا الدهر إلى ذلته وحط قدره.
وقد بين تعالى ذلك بسرد قصة يوسف الصديق (ع). ولم يرد في سور القرآن الكريم تفصيل قصة من القصص باستقصائها من اولها إلى آخرها غير قصته (ع)، وقد خصت السورة بها من غير شركة ما من غيرها.
فقد كان ع عبدا مخلصا في عبوديته فأخلصه الله لنفسه واعزه بعزته وقد تجمعت الأسباب على اذلاله وضعته فكلما ألقته في أحد المهالك أحياه الله تعالى من نفس السبيل التي كانت تسوقه إلى الهلاكة: حسده اخوته فألقوه في غيابة الجب ثم شروه بثمن بخس دراهم معدودة فذهب به ذلك إلى مصر وادخله في بيت الملك والعزة، راودته التي هو في بيتها عن نفسه واتهمته عند العزيز ولم تلبث دون ان اعترفت عند النسوة ببراءته ثم اتهمته وادخلته السجن فكان ذلك سبب قربه عند الملك، وكان قميصه الملطخ بالدم الذي جاؤوا به إلى أبيه يعقوب أول يوم هو السبب الوحيد في ذهاب بصره
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست