أمثالهم: " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " القصص: 52 وقال: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " الأعراف: 159 وكذا كانت المجوس ينتظرون الفرج بظهور منج ينشر الحق والعدل وكانوا لا يعاندون الحق كما يعانده المشركون.
فالظاهر أن يكونوا هم المعنيون بالآية وخاصة المحقون من النصارى وهم القائلون بكون المسيح بشرا رسولا كالنجاشي وأصحابه ويؤيده ما في ذيل الآية من قوله:
" قل انما أمرت ان عبد الله ولا أشرك به إليه ادعو " فإنه انسب ان يخاطب به النصارى.
وقوله ومن الأحزاب من ينكر بعضه اللام للعهد أي ومن أحزاب أهل الكتاب من ينكر بعض ما انزل إليك وهو ما دل منه على التوحيد ونفى التثليث وسائر ما يخالف ما عند أهل الكتاب من المعارف والاحكام المحرفة.
وقوله: " قل انما أمرت ان ا عبد الله ولا أشرك به " دليل على أن المراد من البعض الذي ينكرونه ما يرجع إلى التوحيد في العبادة أو الطاعة وقد امره الله ان يخاطبهم بالموافقة عليه بقوله: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا بينكم ان لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله " آل عمران: 64.
ثم تمم الكلام بقوله إليه ادعوا واليه مآب أي مرجعي فكان أول الكلام مفصحا عن بغيته في نفسه ولغيره وآخره عن سيرته أي أمرت لا عبد الله وحده في عملي ودعوتي وعلى ذلك أسير بين الناس فلا ادعو الا إليه ولا ارجع في أمر من اموري الا إليه فذيل الآية في معنى قوله: " قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين " يوسف: 108.
ويمكن ان يكون المراد بقوله واليه مآب المعاد ويفيد حينئذ فائدة التعليل أي إليه ادعو وحده لان مآبي إليه وحده.
وقد فسر بعضهم الكتاب في الآية بالقرآن والذين أوتوا الكتاب بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأحزاب بالاعراب الذين تحزبوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم واداروا عليه الدوائر من قريش وسائر القبائل