الحساب ومأواهم جهنم " وسوء الحساب الحساب الذي يسوؤهم ولا يسرهم فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف ثم ذم تعالى ذلك مشيرا إلى سوء العاقبة بقوله وبئس المهاد أي بئس المهاد مهادهم الذي مهد لهم ويستقرون فيه ومجموع قوله " أولئك لهم سوء الحساب " الخ في موضع التعليل لما ذكر من الافتداء والتعليل بالإشارة كثير في الكلام يقال افعل بفلان كذا وكذا ذاك الذي من صفته كذا وكذا.
ومعنى الآية والله أعلم للذين استجابوا لدعوة ربهم الحقة العاقبة الحسنى والذين لم يستجيبوا له لهم من عاقبة الامر ما يرضون ان يفدوا للتخلص منه فوق ما يمكنهم ان يتمنوه لان الذي يحل بهم من العاقبة السيئة يتضمن أو يقارن سوء الحساب والقرار في وبئس المهاد مهادهم.
وقد وضع في الآية الاستجابة وعدم الاستجابة مكان الايمان والكفر لمناسبة المثل المضروب في الآية السابقة من نزول الماء من السماء وقبول الأودية منه كل بقدره والاستجابة قبول الدعوة.
قوله تعالى: " أفمن يعلم انما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى انما يتذكر اولوا الألباب " استفهام انكاري وهو في موضع التعليل لما تتضمنه الآية السابقة وبيان تفصيلي لعاقبة حال الفريقين من حيث استجابة دعوة الحق وعدمها.
وملخص البيان ان الحق يستقر في قلوب هؤلاء الذين استجابوا لربهم فتصير قلوبهم البابا وقلوبا حقيقية لها آثارها وبركاتها وهو التذكر والتبصر ومن خواص هذه القلوب التي يعرف بها صاحبوها ان أولى الألباب يثبتون على الوفاء بعهد الله المأخوذ عنهم بفطرتهم فلا ينقضون ميثاق ربهم ويثبتون على احترام ما وصلهم الله به وهى الرحم التي اجرى الله الخلقة من طريقها فيصلونها وهم خاشعون خائفون ويثبتون بالصبر عند المصائب وعن المعصية وعلى الطاعة ويجرون بالتوجه إلى ربهم وهو الصلاة واصلاح المجتمع وهو الانفاق ودرء السيئات بالحسنات.
فهؤلاء لهم عاقبة الدار المحمودة وهى الجنة يدخلونها وتنعكس إليهم فيها مثوبات أعمالهم الحسنة المذكورة فيصاحبون فيها الصالحين من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم كما وصلوا الرحم في الدنيا والملائكة يدخلون عليهم من كل باب مسلمين عليهم بما صبروا كما