تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٤٤
صفاتهم التي تنشأ وتنمو فيهم من استجابتهم لربهم وعلمهم بحقية ما انزل إليهم من ربهم لا كل صفة يمدحها الناس فيما بينهم وان لم ترتبط بعبوديتهم وايمانهم بربهم كالصبر عند الكريهة تمنعا وعجبا بالنفس أو طلبا لجميل الثناء ونحوه كما قيل وقولي كلما جشأت وجاشت * مكانك تحمدي أو تستريحي والمراد بوجه الرب تعالى هو الجهة المنسوبة إليه تعالى من العمل ونحوه وهى الجهة التي عليها يظهر ويستقر العمل عنده تعالى أعني المثوبة التي له عنده الباقية ببقائه وقد قال تعالى: " والله عنده حسن الثواب " آل عمران: 195 وقال: " وما عند الله باق " النحل - 96 وقال: " كل شئ هالك الا وجهه " القصص: 88.
وقوله: " وأقاموا الصلاة " أي جعلوها قائمة غير ساقطة بالاخلال باجزائها وشرائطها أو بالاستهانة بأمرها وعطف الصلاة وما بعدها على الصبر من عطف الخاص على العام اعتناء بشأنه وتعظيما لامره كما قيل.
وقوله: " وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية " المراد به مطلق الانفاق أعم من الواجب وغيره والآية مكية لم ينزل وجوب الزكاة عند نزولها بعد وتقييد الانفاق بقوله سرا وعلانية للدلالة على استيفائهم حقه فان من الانفاق ما يحسن فيه الاسرار ومنه ما يحسن فيه الاعلان فعلى من آمن بما أنزله الله بالحق ان يستوفى من كل حقه فيسر بالانفاق إذا كان في اعلانه مظنة الرياء أو السمعة أو إهانة أو اذهاب ماء الوجه ويعلن فيه فيما كان في اعلانه تشويق الناس على البر والمعروف ودفع التهمة ونحو ذلك.
وقوله: " ويدرؤن بالحسنة السيئة " الدرء الدفع والمعنى إذا صادفوا سيئة جاؤوا بحسنة تزيد عليها أو تعادلها فيدفعون بها السيئة وهذا أعم من أن يكون ذلك في سيئة صدرت من أنفسهم فدفعوها بحسنة جاؤوا بها فان الحسنات يذهبن السيئات أو دفعوها بتوبة إلى ربهم فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له أو في سيئة اتى بها غيرهم بالنسبة إليهم كمن ظلمهم فدفعوه بالعفو أو بالاحسان إليه أو من جفاهم فقابلوه بحسن الخلق والبشر كما إذا خاطبهم الجاهلون فقالوا سلاما أو اتى بمنكر فنهوا عنه أو ترك معروف فأمروا به.
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست