تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٤٠
قوله تعالى: " للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له " إلى آخر الآية المهاد الفراش الذي يوطأ لصاحبه والمكان الممهد الموطأ وسميت جهنم مهادا لأنها مهدت لاستقرارهم فيها لكفرهم واعمالهم السيئة.
والآية وما بعدها من الآيات التسعة متفرعة على المثل المضروب في الآية السابقة كما تقدمت الإشارة إليه يبين الله سبحانه فيها آثار الاعتقاد الحق والايمان به والاستجابة لدعوته وآثار الاعتقاد الباطل والكفر به وعدم استجابة دعوته ويشهد بذلك سياق الآيات فان الحديث فيها يدور حول عاقبة الايمان والكفر وان العاقبة المحمودة التي للايمان لا يقوم مقامها شئ ولو كان ضعف ما في الدنيا من نعمة.
وعلى هذا فالأظهر ان يكون المراد بالحسنى العاقبة الحسنى وما ذكره بعضهم ان المراد بها المثوبة الحسنى أو الجنة وان كان حقا بحسب المآل فان عاقبة الايمان والعمل الصالح المحمودة هي المثوبة الإلهية الحسنى وهى الجنة لكن المثوبة أو الجنة غير مقصودة في المقام بما انها مثوبة أو جنة بل بما انها عاقبة أمرهم وينتهى إليها سعيهم.
ويؤيده بل يدل عليه قوله تعالى فيهم في الآيات التالية بعد تعريفهم بصفاتهم المختصة بهم: " أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها " الآية.
وعلى هذا أيضا فقوله: " لو أن لهم ما في الأرض جميعا مثله معه لافتدوا به " موضوع موضع الغاية المحذوفة للدلالة على فخامة أمرها وبلوغها الغاية من حمل الهول والدهشة والشر والشقوة بما لا يذكر.
والمعنى والذين لم يستجيبوا لربهم يحل بهم أمر أو يفوتهم أمر وهو نتيجة الاستجابة وعاقبتها الحسنى من صفته انه لو أن لهم ما في الأرض من نعمة تلتذ بها النفس الانسانية وهو غاية ما يمكن لانسان ان يأمله ويتمناه ثم أضيف إليه مثله وهو فوق منية الانسان وبعبارة ملخصة لو كانوا يملكون غاية مناهم في الحياة وما فوق هذه الغاية رضوا ان يفتدوا بهذا الذي يملكونه فرضا عما يفوتهم من الحسنى وفى بعض كلمات علي (ع): في وصفه غير موصوف ما نزل بهم.
ثم أخبر تعالى عن هذا الذي لا يوصف من عاقبة أمرهم فقال: " أولئك لهم سوء
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست