تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٤٢
فتحوا أبواب العبادات والطاعات المختلفة في الدنيا فهذا هو اثر الحق.
وقوله: " أفمن يعلم انما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى " الاستفهام فيه للانكار كما تقدم وفيه نفى التساوي بين من استقر في قلبه العلم بالحق ومن جهل الحق وفى توصيف الجاهل بالحق بالأعمى ايماء إلى أن العالم به يصير وقد سماه بالأعمى والبصير في قوله آنفا " قل هل يستوى الأعمى والبصير " الآية فالعلم بالحق بصيرة والجهل به عمى والتبصر يفيد التذكر ولذا عده من خواص أولى العلم بقوله انما يتذكر.
وقوله: " انما يتذكر اولوا الألباب " في مقام التعليل لما سبقه أعني قوله أفمن يعلم الخ أي انهما لا يستويان لان لاولى العلم تذكر ليس لاولى العمى والجهل وقد وضع في موضع أولى العلم اولوا الألباب فدل على دعوى أخرى تفيد فائدة التعليل كأنه قيل لا يستويان لان لاحد الفريقين تذكرا ليس للاخر وانما اختص التذكر بهم لان لهم البابا وقلوبا وليس ذلك لغيرهم.
قوله تعالى: " الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " ظاهر السياق ان الجملة الثانية عطف تفسيري على الجملة الأولى فالمراد بالميثاق الذي لا ينقضونه هو عهد الله الذي يوفون به والمراد بهذا العهد والميثاق بقرينة ما ذكر في الآية السابقة من تذكرهم هو ما عاهدوا به ربهم وواثقوه بلسان فطرتهم ان يوحدوه ويجروا على ما يقتضيه توحيده من الآثار فان الانسان مفطور على توحيده تعالى وما يهتف به توحيده وهذا عهد عاهدته الفطرة وعقد عقدته.
واما العهود والمواثيق المأخوذة بوسيلة الأنبياء والرسل عن أمر من الله والاحكام والشرائع فكل ذلك من فروع الميثاق الفطري فان الدين فطرى.
قوله تعالى: " والذين يصلون ما أمر الله به ان يوصل " الخ الظاهر أن المراد بالامر هو الامر التشريعي النازل بشهادة ذيل الآية ويخافون سوء الحساب فان الحساب على الاحكام النازلة في الشريعة ظاهرا وان كانت مدركة بالفطرة كقبح الظلم وحسن العدل فان المستضعف الذي لم يبلغه الحكم الإلهي ولم يقصر لا يحاسب عليه كما يحاسب غيره وقد تقدم في أبحاثنا السابقة ان الحجة لا تتم على الانسان بمجرد الادراك الفطري لولا انضمام طريق الوحي إليه قال تعالى: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " النساء: 165.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست