تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٤٥
فذلك كله من درء السيئة بالحسنة ولا دليل من جانب اللفظ يدل على التخصيص ببعض هذه الوجوه البتة.
وقد اختلف التعبير في هذه الصفات المذكورة لاولى الألباب " الذين يوفون ولا ينقضون ويصلون ويخشون ويخافون وصبروا وأقاموا وانفقوا ويدرؤن " فأتى في بعضها وهى ستة بلفظ المضارع وفى بعضها وهى ثلاثة بلفظ الماضي.
وقد نقل عن بعضهم في وجه ذلك أن التعبير في قوله: " والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم " الخ بلفظ الماضي وفيما تقدم بلفظ المضارع على سبيل التفنن في الفصاحة لان هذه الأفعال وقعت صلة للموصول يعنى الذين والموصول وصلته في معنى اسم الشرط مع الجملة الشرطية والماضي والمضارع يستويان معنى في الجملة الشرطية نحو ان ضربت ضربت وان تضرب اضرب فكذا فيما بمعناه.
ولذا قال النحويون إذا وقع الماضي صلة أو صفة لنكرة عامة احتمل ان يراد به المضي وان يراد به الاستقبال فمن الأول الذين قال لهم الناس ومن الثاني الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم.
وفيه ان الغاء خصوصية زمان الفعل من المضي والاستقبال في الشرط وما في معناه لا يستوجب الغاء لوازم الأزمنة كالتحقق في الماضي والجريان والاستمرار ونحوهما في المضارع فان في الماضي مثلا عناية بالتحقق وان كان ملغى الزمان فصحة السؤال عن نكتة اختلاف التعبير في محله بعد.
ويستفاد من كلام بعض آخر في وجهه ان المراد بالأوصاف المتقدمة أعني الوفاء بالعهد والصلة والخشية والخوف الاستصحاب والاستمرار لكن الصبر لما كان مما يتوقف على تحققه التلبس بتلك الأوصاف اعتنى بشأنه فعبر بلفظ الماضي الدال على التحقق وكذا في الصلاة والانفاق اعتناء بشأنهما.
وفيه ان بعض الصفات السابقة لا يقصر في الأهمية عن الصبر والصلاة والانفاق كالوفاء بعهد الله الذي أريد به الايمان بالله بإجابة دعوة الفطرة فلو كان الاعتناء بالشأن هو الوجه كان من الواجب ان يعبر عنه بلفظ الماضي كغيره من الصبر والصلاة والانفاق
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست