تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٣٧
غير موجب ولا دليل يدل عليه.
على أنه لو أريد به ذلك لكان موضعه المناسب له هو آخر الكلام وقد وقع فيه قوله تعالى: " كذلك يضرب الله الأمثال " وهو يغنى عنه.
على أن ما ذكروه من المعنى يرجع إلى ما ذكرناه بالآخرة فان كون حديث السيل والزبد أو ما يوقد عليه والزبد مثلا للحق والباطل يوجب كون ثبوت الحق نظير ثبوت السيل وثبوت ما يوقد عليه وكون ثبوت الباطل نظير ثبوت الزبد فلا موجب للتقدير مع استقامة المعنى بدونه.
ثم قال تعالى: " فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " جمع بين الزبدين أعني زبد السيل وزبد ما يوقدون عليه وقد كانا متفرقين في الذكر لاشتراك الجميع فيما يذكر من الخاصة وهو انه يذهب جفاء ولذا قدمنا آنفا ان الآية تتضمن مثلا واحدا وان انحل إلى غير واحد من الأمثال.
وقد عدل عن ذكر الماء وغيره إلى قوله واما ما ينفع الناس للدلالة على خاصة يختص بها الحق وهو ان الناس ينتفعون به وهو الغاية المطلوبة لهم.
والمعنى فأما الزبد الذي كان يطفو على السيل ويعلوه أو يخرج مما يوقدون عليه في النار فيذهب جفاء ويصير باطلا متلاشيا واما الماء الخالص أو العين الأرضية المصوغة وفيهما انتفاع الناس وتمتعهم في معاشهم فيمكث في الأرض ينتفع به الناس.
ثم قال تعالى: " كذلك يضرب الله الأمثال " وختم به القول أي ان الأمثال المضروبة للناس في كلامه تعالى يشابه المثل المضروب في هذه الآية في أنها تميز الحق من الباطل وتبين للناس ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم.
ولا يبعد ان تكون الإشارة بقوله كذلك إلى ما ذكره من أمر نزول المطر وجريان الأودية بسيولها المزبدة وايقاد المواد الأرضية وخروج زبدها أعني ان تكون الإشارة إلى نفس هذه الحوادث الخارجية والتكونات العينية لا القول فيدل على أن هذه الوقائع الكونية والحوادث الواقعة في عالم الشهادة أمثال مضروبة تهدى أولى النهى
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست