تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣١٢
الا الله سبحانه لم يكن هناك أحد يرد ما أراد الله بهم من السوء.
فقد بان من جميع ما تقدم ان معنى الآية على ما يعطيه السياق والله أعلم ان لكل من الناس على اي حال كان معقبات يعقبونه في مسيره إلى الله من بين يديه ومن خلفه اي في حاضر حاله وماضيه يحفظونه بأمر الله من أن يتغير حاله بهلاك أو فساد أو شقاء أمر آخر من الله وهذا الامر الآخر الذي يغير الحال انما يؤثر أثره إذا غير قوم ما بأنفسهم فعند ذلك يغير الله ما عندهم من نعمه ويريد بهم السوء وإذا أراد بقوم سوء فلا مرد له لانهم لا والي لهم يلي أمرهم من دونه حتى يرد ما أراد الله بهم من سوء.
وقد تبين بذلك أمور:
أحدها: ان الآية كالبيان التفصيلي لما تقدم في الآيات السابقة من قوله: " وكل شئ عنده بمقدار " فأن الجملة تفيد ان للأشياء حدودا ثابتة لا تتعداها ولا تتخلف عنها عند الله حتى تعزب عن علمه وهذه الآية تفصل القول في الانسان ان له معقبات من بين يديه ومن خلفه موكلة عليه يحفظونه وجميع ما يتعلق به من أن يهلك أو يتغير عما هو عليه ولا يهلك ولا يتغير الا بأمر آخر من الله.
الثاني: انه ما من شئ من الانسان من نفسه وجسمه وأوصافه وأحواله واعماله وآثاره الا وعليه ملك موكل يحفظه ولا يزال على ذلك في مسيره إلى الله حتى يغير فالله سبحانه هو الحافظ وله ملائكة حفظة عليها وهذه حقيقة قرآنية.
الثالث ان هناك أمرا آخر يرصد الناس لتغيير ما عندهم وقد ذكر الله سبحانه من شان هذا الامر انه يؤثر فيما إذا غير قوم ما بأنفسهم فعند ذلك يغير الله ما بهم من نعمة بهذا الامر الذي يرصدهم ومن موارد تأثيره مجئ الاجل المسمى الذي لا يختلف ولا يتخلف قال تعالى: " ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما الا بالحق وأجل مسمى " الأحقاف: 3 وقال: " ان اجل الله إذا جاء لا يؤخر " نوح: 4.
الرابع: ان امره تعالى هو المهيمن المتسلط على متون الأشياء وحواشيها على أي حال وان كل شئ حين ثباته وحين تغيره مطيع لامره خاضع لعظمته وان الامر الإلهي وان كان مختلفا بقياس بعضه إلى بعض منقسما إلى أمر حافظ وامر مغير ذو
(٣١٢)
مفاتيح البحث: الهلاك (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست