تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣١٤
أيدي الناس ليذيقهم الله بعض ما عملوا لعلهم يرجعون.
وهذا المعنى كما لا يخفى انما يتم في النوع دون الشخص ولذلك كان التلازم بين صلاح النوع والنعم العامة المفاضة عليهم ولا يجرى في الاشخاص لان الاشخاص ربما بطلت فيها الغايات بخلاف الأنواع فان بطلان غاياتها من الكون يوجب اللعب في الخلقة قال تعالى: " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين " الدخان: 38 وقد تقدم بعض الكلام في هذا الباب في أبحاث الأعمال في الجزء الثاني من الكتاب وبما تقدم يظهر فساد الاعتراض على الآية حيث إنها تفيد بظاهرها انه لا يقع تغيير النعم بقوم حتى يقع تغيير منهم بالمعاصي مع أن ذلك خلاف ما قررته الشريعة من عدم جواز اخذ العامة بذنوب الخاصة هذا فإنه أجنبي عن مفاد الآية بالكلية.
هذا بعض ما يعطيه التدبر في الآية الكريمة وللمفسرين في تفسيرها اختلاف شديد من جهات شتى من ذلك اختلافهم في مرجع الضمير في قوله له معقبات فمن قائل ان الضمير راجع إلى من في قوله من أسر القول الخ كما قدمناه ومن قائل انه يرجع إليه تعالى أي لله ملائكة معقبات من بين يدي الانسان ومن خلفه يحفظونه وفيه انه يستلزم اختلاف الضمائر على أنه يوجب وقوع الالتفات في قوله من أمر الله من غير نكتة ظاهرة ومن قائل ان الضمير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والآية تذكر ان الملائكة يحفظونه وفيه انه كسابقه يستلزم اختلاف الضمائر والظاهر خلافه على أنه يوجب عدم اتصال الآية بسوابقها ولم يتقدم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر.
ومن قائل ان الضمير عائد إلى من هو سارب بالنهار وهذا اسخف الوجوه وسنعود إليه.
ومن ذلك اختلافهم في معنى المعقبات فقيل ان أصله المعتقبات صار معقبات بالنقل والادغام يقال اعتقبه إذا حبسه واعتقب القوم عليه أي تعاونوا ورد بأنه خطأ وقيل هو من باب التفعيل والتعقيب هو ان يتبع آخر في مشيته كأنه يطأ عقبه أي مؤخر قدمه فقيل ان المعقبات ملائكة يعقبون الانسان في مسيره إلى الله لا يفارقونه
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست