تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣١٣
نظام واحد لا يتغير وقد قال تعالى: " ان ربى على صراط مستقيم " هود: 56 وقال:
" انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ " يس - 83.
الخامس ان من القضاء المحتوم والسنة الجارية الإلهية التلازم بين الاحسان والتقوى والشكر في كل قوم وبين توارد النعم والبركات الظاهرية والباطنية ونزولها من عند الله إليهم وبقاؤها ومكثها بينهم ما لم يغيروا كما يشير إليه قوله تعالى: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون " الأعراف: 96 وقوله: " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد " إبراهيم: 7 وقال " هل جزاء الاحسان الا الاحسان " الرحمان: 60 هذا هو الظاهر من الآية في التلازم بين شيوع الصلاح في قوم ودوام النعمة عليهم واما شيوع الفساد فيهم أو ظهوره من بعضهم ونزول النقمة عليهم فالآية ساكتة عن التلازم بينهما وغاية ما يفيده قوله: " لا يغير ما بقوم حتى يغيروا " جواز تغيره تعالى عند تغييرهم وامكانه لا وجوبه وفعليته ولذلك غير السياق فقال: " وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له " ولم يقل فيريد الله بهم من السوء ما لا مرد له.
ويؤيد هذا المعنى قوله: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " الشورى: 30 حيث يدل صريحا على أن بعض التغيير عند التغيير معفو عنه.
واما الفرد من النوع فالكلام الإلهي يدل على التلازم بين صلاح عمله وبين النعم المعنوية وعلى التغير عند التغير دون التلازم بين صلاحه والنعم الجسمانية.
والحكمة في ذلك كله ظاهرة فان التلازم المذكور مقتضى حكم التلاؤم والتوافق بين اجزاء النظام وسوق الأنواع إلى غاياتها فان الله جعل للأنواع غايات وجهزها بما يسوقها إلى غاياتها ثم بسط تعالى التلاؤم والتوافق بين اجزاء هذا النظام كان المجموع شيئا واحدا لا معاندة ولا مضادة بين اجزائه فمقتضى طباعها ان يعيش كل نوع في عافية ونعمة وكرامة حتى يبلغ غايته فإذا لم ينحرف النوع الانساني عن مقتضى فطرته الأصلية ولا منحرف من الأنواع ظاهرا غيره جرى الكون على سعادته ونعمته ولم يعدم رشدا وأما إذا انحرف عن ذلك وشاع فيه الفساد أفسد ذلك التعادل بين اجزاء الكون وأوجب ذلك هجرة النعمة واختلال المعيشة وظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت
(٣١٣)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست