والضرار أسبق إلى الذهن.
وقد تقدم الفرق بين الرسول والنبي في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب، وهذا القضاء المذكور في الآية من خواص الرسالة دون النبوة.
قوله تعالى: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) سؤال منهم عن وقت هذا القضاء الموعود، وهو القضاء بينهم في الدنيا، والسائلون هم بعض المشركين من معاصري النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والدليل عليه أمره أن يجيبهم بقوله: (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل) الخ، فقول بعضهم: إن السؤال عن عذاب يوم القيامة أو إن السائلين بعض المشركين من الأمم السابقة لا يلتفت إليه.
قوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل) إلى آخر الآية، لما كان قولهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) في معنى قولنا: أي وقت يفي ربك بما وعدك أو يأتي بما أوعدنا به أنه يقضى بيننا وبينك فيهلكنا وينجيك والمؤمنين بك فيصفو لكم الجو ويكون لكم الأرض وتخلصون من شرنا؟ فهلا عجل لكم ذلك - وذلك أن كلامهم مسوق سوق الاستعجال تعجيزا واستهزاء كما تدل على استعجالهم الآيات التالية وهذا نظير قولهم: (لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين) الحجر: 7.
لقن سبحانه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يبدأهم في الجواب ببيان أنه لا يملك لنفسه ضرا حتى يدفعه عنها ولا نفعا حتى يجلبه إليها ويستعجل ذلك إلا ما شاء الله ان يملكه من ضر ونفع فالامر إلى الله سبحانه جميعا، واقتراحهم عليه بأن يعجل لهم القضاء والعذاب من الجهل.
ثم يجيب عن سؤالهم عن أصل تعيين الوقت جوابا اجماليا بالاعراض عن تعيين الوقت والاقبال على ذكر ضرورة الوقوع، أما الأول فإنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وأمره الذي لا يتسلط عليه إلا هو، وقد تقدم قوله في آيات السورة:
(ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا انى معكم من المنتظرين) الآية 20 من السورة.