وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقسم بالسوية، وينهى عن تظاهر القوى بقوته بما يتأثر وينكسر به قلب الضعيف المهين كتظاهر الأغنياء بزينتهم على الفقير المسكين، والحكام والرؤساء بشوكتهم على الرعية.
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعيش كأحد من الناس لا يمتاز منهم في مأكل أو مشرب أو ملبس أو مجلس أو مشية أو غير ذلك، وقد تقدم جوامع سيرته في آخر الجزء السادس من هذا الكتاب.
(كلام آخر ملحق بالكلام السابق) نزن فيه تعليم القرآن الكريم بقياسه إلى تعاليم ويدا، وأوستا، والتوراة، والإنجيل على نحو الاجمال والكلية في فصول وهذا بحث تحليلي شريف.
1 - التناسخ عند الوثنيين:
من الأصول الأولية التي تبتنى عليها البرهمية ومثلها البوذية والصابئية هو التناسخ وهو أن العالم محكوم بالكون والفساد دائما فهذا العالم المشهود لنا وكذا ما فيه من الاجزاء مكون عن عالم مثله سابق عليه وهكذا إلى غير النهاية، وسيفسد هذا العالم كما لا يزال يفسد أجزاؤه ويتكون منه عالم آخر وهكذا إلى غير النهاية، والانسان يعيش في كل من هذه العوالم على ما اكتسبه في عالم يسبقه فمن عمل صالحا واكتسب ملكة حسنة فستتعلق نفسه بعد مفارقة البدن بالموت ببدن سعيد ويعيش على السعادة، وهو ثوابه، ومن أخلد إلى الأرض واتبع هواه فسوف يعيش بعد الموت في بدن شقى ويقاسي فيه أنواع العذاب إلا من عرف البرهم واتحد به فإنه ينجو من الولادة الثانية ويعود ذاتا أزلية أبدية هي عين البهاء والسرور والحياة والقدرة والعلم لا سبيل للفناء والبطلان إليها.
ولذلك كان من الواجب الديني على الانسان أن يؤمن بالبرهم (وهو الله أصل كل شئ) ويتقرب إليه بالقرابين والعبادات، ويتحلى بالأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة فإن عزفت نفسه الدنيا وتخلق بكرائم الأخلاق وتحلى بصوالح الأعمال وعرف البرهم بمعرفة نفسه صار برهمنا واتحد بالبرهم وصار هو هو، وهو السعادة