وعاش نوح بعد الطوفان ثلاثماوة وخمسين سنة. فكانت كل أيام نوح تسعماءة وخمسين سنة ومات. انتهى ما قصدنا إيراده.
وهو - كما ترى - يخالف ما جاء في القرآن الكريم من وجوه:
منها: أنه لم يذكر فيه حديث استثناء امرأة نوح بل صرح بدخولها الفلك ونجاتها مع بعلها، وقد اعتذر عنه بعض: أن من الجائز أن يكون لنوح زوجان أغرقت إحداهما ونجت الأخرى.
ومنها: أنه لم يذكر فيه ابن نوح الغريق وقد قصه القرآن.
ومنها: أنه لم يذكر فيه المؤمنون غير نوح وأهله بل اقتصر عليه وعلى بنيه وامرأته ونساء بنيه.
ومنها: أنه ذكر فيه جملة عمر نوح تسعماءة وخمسين سنة، وظاهر الكتاب العزيز أنها المدة التي لبث فيها بين قومه يدعوهم إلى الله قبل الطوفان. قال تعالى:
(ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون) العنكبوت: 14.
ومنها: ما ذكر فيه من حديث قوس قزح وقصة إرسال الغراب والحمامة للاستخبار وخصوصيات السفينة من عرضها وطولها وارتفاعها وطبقاتها الثلاث ومدة الطوفان وارتفاع الماء وغير ذلك فهى خصوصيات لم تذكر في القرآن الكريم وبعضها بعيد مستبعد كالميثاق بالقوس، وقد كثر الاقتصاص بمثل هذه المعاني في قصة نوح عليه السلام في لسان الصحابة والتابعين، وأكثرها بالإسرائيليات أشبه.
5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم: قال صاحب المنار في تفسيره: قد ورد في تواريخ الأمم القديمة ذكر للطوفان منها الموافق لخبر سفر التكوين إلا قليلا ومنها المخالف له إلا قليلا.
وأقرب الروايات إليه رواية الكلدانيين، وهم الذين وقع الطوفان في بلادهم