ينصرونه في الدفع عن أضيافه هذا والركن الشديد معه في داره وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ولذلك لبوه من غير فصل وقالوا: يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك.
ولم يكن ليغفل في حال من تلك الأحوال عن ربه وأن كل النصر من عنده حتى ينساه ويتمنى ناصرا غيره، وحاشا مقام هذا النبي الكريم عن مثل هذا الجهل المذموم وقد قال الله تعالى في حقه: (آتيناه حكما وعلما إلى أن قال وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين) الأنبياء: 75.
فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن كان ليأوى إلى ركن شديد) معناه أن معه جبرئيل وسائر الملائكة وهو لا يعلم بذلك، وليس معناه ان معه الله سبحانه وهو جاهل بمقام ربه.
فما في بعض الروايات الناقلة للفظة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الاشعار بأن مراده بالركن الشديد هو الله سبحانه دون الملائكة إنما نشأ عن فهم بعض رواة الحديث كما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله لوطا كان يأوى إلى ركن شديد يعنى الله تعالى. الحديث.
وكما عنه من طريق آخر قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يغفر الله للوط إن كان ليأوى إلى ركن شديد) ولعل فيه نقلا بالمعنى وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: رحم الله لوطا فغيره الراوي إلى قوله: يغفر الله للوط المشعر بكون لوط أهمل أدبا من آداب العبودية أو أذنب ذنبا بجهله مقام ربه ونسيانه ما لم يكن له ان ينساه.
(كلام في قصة لوط وقومه في فصول) 1 - قصته وقصة قومه في القرآن: كان لوط عليه السلام من كلدان في أرض بابل ومن السابقين الأولين ممن آمن بإبراهيم عليه السلام آمن به وقال: إني مهاجر إلى ربى (العنكبوت: 26) فنجاه الله مع إبراهيم إلى الأرض المقدسة أرض فلسطين (الأنبياء: 71) فنزل في بعض بلادها (وهى مدينة سدوم على ما في التواريخ والتوراة وبعض الروايات).