الطريق ووصف السبيل فلا يختص به تعالى ولا بالأئمة من الأنبياء والأوصياء كما يحكيه الله تعالى عن مؤمن آل فرعون إذ يقول: (وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد) المؤمن: 38، وقال: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) الانسان: 3.
وأما قوله تعالى خطابا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو امام: (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) القصص: 56 وغيره من الآيات فهى مسوقة لبيان الأصالة والتبع كما في آيات التوفي وعلم الغيب ونحو ذلك مما سيقت لبيان ان الله سبحانه هو المالك لها بالذات والحقيقة، وغيره يملكها بتمليك الله ملكا تبعيا أو عرضيا، ويكون سببا لها بإذن الله، قال تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) الأنبياء: 73 وفي الأحاديث إشارة إلى ذلك وان الهداية إلى الحق شأن النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم وقد مر بعض الكلام في الهداية فيما تقدم.
وقوله في ذيل الآية: (فما لكم كيف تحكمون) استفهام للتعجيب استغرابا لحكمهم باتباع شركائهم مع حكم العقل الصريح بعدم جواز اتباع من لا يهتدى ولا يهدى إلى الحق.
قوله تعالى: (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا ان الظن لا يغنى من الحق شيئا) أغنى يغنى يتعدى بمن وعن كلتيهما وقد جاء في الكلام الإلهي بكل من الوجهين فعدى بمن كما في الآية، وبعن كما في قوله: (ما أغنى عنى ماليه) الحاقة: 29.
وإنما نسب اتباع الظن إلى أكثرهم لان الأقل منهم وهم أئمة الضلالة على يقين من الحق، ولم يؤثروا عليه الباطل و يدعوا إليه إلا بغيا كما قال تعالى: (وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم) البقرة: 213.
وأما الأكثرون فإنما اتبعوا آباءهم تقليدا لهم لحسن ظنهم بهم.
وقوله: (إن الله عليم بما يفعلون) تعليل لقوله: (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا) والمعنى أن الله عليم بما يأتونه من الأعمال يعلم أنها اتباع للظن