قومه عليه السلام في زمنه وبعده إلى حين.
فقد بان أن نبوة نوح عليه السلام كانت عامة، وأن له كتابا وهو المشتمل على شريعته الرافعة للاختلاف، وأن كتابه أول الكتب السماوية المشتملة على الشريعة، وأن قوله تعالى في الآية السابقة (وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) هو كتابه أو كتابه وكتاب غيره من أولى العزم: إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وظهر أيضا ان ما يدل من الروايات على عدم عموم دعوته عليه السلام مخالف للكتاب وفي حديث الرضا عليه السلام ان أولى العزم من الأنبياء خمسة لكل منهم شريعة وكتاب ونبوتهم عامة لجميع من سواهم نبيا أو غير نبي، وقد تقدم الحديث في ذيل قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة) البقرة 213، في الجزء الثاني من الكتاب.
7 - هل الطوفان كانت عامة لجميع الأرض؟ تبين الجواب عن هذا السؤال في الفصل السابق فإن عموم دعوته عليه السلام يقضى بعموم العذاب، وهو نعم القرينة على أن المراد بسائر الآيات الدالة بظاهرها على العموم ذلك كقوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) نوح: 26، وقوله حكاية عنه: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) هود: 43، وقوله:
و (جعلنا ذريته هم الباقين) الصافات: 77.
ومن الشواهد من كلامه تعالى على عموم الطوفان ما ذكر في موضعين من كلامه تعالى أنه أمر نوحا أن يحمل من كل زوجين اثنين فمن الواضح أنه لو كان الطوفان خاصا بصقع من أصقاع الأرض وناحية من نواحيها كالعراق - كما قيل - لم يكن أي حاجة إلى أن يحمل في السفينة من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين اثنين.
وهو ظاهر.
واختار بعضهم كون الطوفان خاصا بأرض قوم نوح عليه السلام قال صاحب المنار في تفسيره: أما قوله في نوح عليه السلام بعد ذكر تنجيته وأهله: (وجعلنا ذريته هم الباقين) فالحصر فيهم يجوز أن يكون إضافيا أي الباقين دون غيرهم من قومه، وأما