والعقل، وأعمها وأهمها بالنظر إلى حياة الانسان الدنيوية فالوحي لا يناله إلا أهل العصمة من الأنبياء المكرمين، والكشف لا يكرم به إلا الآحاد من أهل الاخلاص واليقين، الناس حتى أهل الوحي والكشف في حاجة مبرمة إلى تعاطى الحجة العقلية في جميع شؤون الحياة الدنيوية ولا غنى لها عن ذلك، وفي إهمال هذا الطريق تسليط التقليد الاجباري على جميع شؤون المجتمع الحيوية من اعتقادات وأخلاق وأعمال، وفي ذلك سقوط الانسانية.
على أن في ذلك إنفاذا لسنة الاستعباد في المجتمع الانساني ويشهد بذلك التجارب التاريخي المديد في الأمم البشرية التي عاشت في دين الوثنية أو جرت فيهم سنن الاستعباد باتخاذ أرباب من دون الله.
2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان:
الأديان العامة الاخر على ما فيها من القول بتوحيد الألوهية لم تسلم من شرك العبادة فساقهم ذلك إلى الابتلاء بعين ما ابتليت به الوثنية البرهمية من المحاذير التي أهمها الثلاثة المتقدمة.
أما البوذية والصابئة فذلك فيهم ظاهر والتاريخ يشهد بذلك، وقد تقدم شئ مما يتعلق بعقائدهم وأعمالهم.
وأما المجوس فهم يوحدون (أهورامزدا) بالألوهية لكنهم يخضعون بالتقديس ليزدان وأهريمن والملائكة الموكلين بشؤون الربوبية وللشمس والنار وغير ذلك، والتاريخ يقص ما كانت تجرى فيهم من سنة الاستعباد واختلاف الطبقات والتدبر والاعتبار يقضى أنه إنما تسرب ذلك كله إليهم من ناحية تحريف الدين الأصيل، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهم: (أنه كان لهم نبي فقتلوه وكتاب فأحرقوه).
وأما اليهود فالقرآن يقص كثيرا من أعمالهم وتحريفهم كتاب الله واتخاذهم العلماء أربابا من دون الله، وما ابتلاهم الله به من انتكاس الفطرة ورداءة السليقة.
وأما النصارى فقد فصلنا القول فيما انحرفوا فيه من النظر والعمل في الجزء الثالث من الكتاب فراجع وإن شئت فطبق مفتتح إنجيل يوحنا ورسائل بولس على سائر الأناجيل وتممه بمراجعة تاريخ الكنيسة فالكلام في ذلك طويل.