قطعيا عندنا. انتهى.
أقول: اما ما ذكره من تأويل الآيات فهو من تقييد الكلام من غير دليل، وأما قوله في رد قولهم بوجود الأصداف والأسماك في قلل الجبال: إن صعود الماء إليها في أيام معدودة لا يكفي في حدوثها! ففيه أن من الجائز ان تحملها امواج الطوفان العظيمة إليها ثم تبقى عليها بعد النشف فإن ذلك من طوفان يغمر الجبال الشامخة في أيام معدودة غير عزيز.
وبعد ذلك كله قد فاته ما ينص عليه الآيات أنه عليه السلام أمر ان يحمل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين اثنين فإن ذلك كالنص في أن الطوفان عم البقاع اليابسة من الأرض جميعا أو معظمها الذي هو بمنزلة الجميع.
فالحق ان ظاهر القرآن الكريم - ظهورا لا ينكر - ان الطوفان كان عاما للأرض، وان من كان عليها من البشر أغرقوا جميعا، ولم يقم لهذا الحين حجة قطعية تصرفها عن هذا الظهور.
وقد كنت سألت صديقي الفاضل الدكتور سحابي المحترم أستاذ الجيولوجيا بكلية طهران ان يفيدني بما يرشد إليه الأبحاث الجيولوجية في أمر هذا الطوفان العام إن كان فيها ما يؤيد ذلك على وجه كلى فأجابني بإيفاد مقال محصله ما يأتي مفصلا في فصول: 1 - الأراضي الرسوبية: تطلق الأراضي الرسوبية في الجيولوجيا على الطبقات الأرضية التي كونتها رسوبات المياه الجارية على سطح الأرض كالبطائح والمسيلات التي غطتها الرمال ودقاق الحصى.
نعرف الأراضي الرسوبية بما تراكم فيها من الرمال ودقاق الحصى الكروية المدورة فإنها كانت في الأصل قطعات من الحجارة حادة الأطراف والزوايا حولتها إلى هذه الحالة الاصطكاكات الواقعة بينها في المياه الجارية والسيول العظيمة ثم إن الماء حملها وبسطها على الأرض في غايات قريبة أو بعيدة بالرسوب.
وليست تنحصر الأراضي الرسوبية في البطائح فغالب الأراضي الترابية من