قوله تعالى: (وان كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم) إلى آخر الآية، تلقين للتبري على تقدير تكذيبهم له، وهو من مراتب الانتصار للحق ممن انتهض لاحيائه فالطريق هو حمل الناس عليه ان حملوا وإلا فالتبري منهم لئلا يحملوه على باطلهم.
وقوله: (أنتم بريئون مما اعمل وأنا برئ مما تعملون) تفسير لقوله: (لي عملي ولكم عملكم).
قوله تعالى: (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون) الاستفهام للانكار، وقوله: (ولو كانوا لا يعقلون) قرينة على أن المراد بنفي السمع نفى ما يقارنه من تعقل ما يدل عليه الكلام المسموع وهو المسمى بسمع القلب.
والمعنى: ومنهم الذين يستمعون إليك وهم صم لا سمع لقلوبهم، ولست أنت قادرا على إسماعهم ولا سمع لهم.
قوله تعالى: (ومنهم من ينظر إليك) إلى آخر الآية الكلام فيها نظير الكلام في سابقتها.
قوله تعالى: (ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) مسوق للإشارة إلى أن ما ابتلى به هؤلاء المحرومون من السمع والبصر من جهة الصمم والعمى من آثار ظلمهم أنفسهم من غير أن يكون الله تعالى ظلمهم بسلب السمع والبصر عنهم فإنهم انما أوتوا ما أوتوا من قبل أنفسهم.
قوله تعالى: (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) (الخ) ظاهر الآية ان يكون (يوم) ظرفا متعلقا بقوله: (قد خسر) الخ، وقوله:
(كأن لم يلبثوا إلا ساعة) الخ، حالا من ضمير الجمع في (يحشرهم) وقوله: (يتعارفون بينهم) حالا ثانيا مبينا للحال الأول.
والمعنى قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله في يوم يحشرهم إليه حال كونهم يستقلون هذه الحياة الدنيا فيعدونها كمكث ساعة من النهار وهم يتعارفون بينهم من غير أن