تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١٧١
في ذلك فالحاتم مثلا وإن كان هو المتفرد غير المعارض في سخائه وجوده من غير أن يسع غيره أن يتقدم عليه ويسبقه لكن من الممكن أن يرتاض مرتاض في سبيله فيتمرن ويتدرب فيه فيأتي بشئ من نوع سخائه وجوده وان لم يقدر على مزاحمته في الجميع وفي أصل مقامه، والكمالات الانسانية التي هي منابع للأعمال سبيلها جميعا هذا السبيل، ويتمكن الانسان بالتمرن والتدرب على سلوك سبيل السابقين المبدعين فيها والاتيان بشئ من أعمالهم وإن لم يسع مزاحمتهم في أصل موقفهم.
فلو كان القرآن من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أنه أبلغ إنسان وأفصحه كان من الجائز أن يهتم غيره فيتمرن على سلوك ما أبدعه في كلامه من النظم البديع فيقدر على تقليده في شئ من الكلام وإتيان شئ من القول بسورة مثله وإن لم يقدر على تقليد القرآن كله والاتيان بجميعه.
ولم يقل فيما تحدى به: فليأتوا بحديث أبلغ منه أو أحسن أو بسورة هي أبلغ أو أحسن حتى يقال: إن القرآن أبلغ كلام بشرى أو أحسنه ليس هناك ما هو أبلغ أو أحسن منه حتى يأتي به آت فلا يدل عدم القدرة على الاتيان بذلك على كونه كلاما لغير البشر، بل إنما قال: (فليأتوا بحديث مثله) (قل فأتوا بسورة مثله) وهكذا وفي وسع البشر الاتيان بمثل كلام غيره من البشر وإن فرض كون ذلك الغير ذا موقف من الكلام لا يعارضه غيره على ما بيناه فالشبهة مندفعة بقوله تعالى (مثله).
قوله تعالى: (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون) إجابة الدعوة واستجابتها بمعنى.
والظاهر من السياق ان الخطاب في الآية للمشركين، وأنه من تمام كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أمر بقوله تعالى: (قل) أن يلقيه إليهم، وعلى هذا فضمير الجمع في قوله: (لم يستجيبوا) راجع إلى الالهة وكل من استعانوا به المدلول عليهم بقوله: (وادعوا من استطعتم من دون الله).
والمعنى: فإن لم يستجب لكم معاشر المشركين هؤلاء الذين دعوتموهم من
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378