في ذلك فالحاتم مثلا وإن كان هو المتفرد غير المعارض في سخائه وجوده من غير أن يسع غيره أن يتقدم عليه ويسبقه لكن من الممكن أن يرتاض مرتاض في سبيله فيتمرن ويتدرب فيه فيأتي بشئ من نوع سخائه وجوده وان لم يقدر على مزاحمته في الجميع وفي أصل مقامه، والكمالات الانسانية التي هي منابع للأعمال سبيلها جميعا هذا السبيل، ويتمكن الانسان بالتمرن والتدرب على سلوك سبيل السابقين المبدعين فيها والاتيان بشئ من أعمالهم وإن لم يسع مزاحمتهم في أصل موقفهم.
فلو كان القرآن من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أنه أبلغ إنسان وأفصحه كان من الجائز أن يهتم غيره فيتمرن على سلوك ما أبدعه في كلامه من النظم البديع فيقدر على تقليده في شئ من الكلام وإتيان شئ من القول بسورة مثله وإن لم يقدر على تقليد القرآن كله والاتيان بجميعه.
ولم يقل فيما تحدى به: فليأتوا بحديث أبلغ منه أو أحسن أو بسورة هي أبلغ أو أحسن حتى يقال: إن القرآن أبلغ كلام بشرى أو أحسنه ليس هناك ما هو أبلغ أو أحسن منه حتى يأتي به آت فلا يدل عدم القدرة على الاتيان بذلك على كونه كلاما لغير البشر، بل إنما قال: (فليأتوا بحديث مثله) (قل فأتوا بسورة مثله) وهكذا وفي وسع البشر الاتيان بمثل كلام غيره من البشر وإن فرض كون ذلك الغير ذا موقف من الكلام لا يعارضه غيره على ما بيناه فالشبهة مندفعة بقوله تعالى (مثله).
قوله تعالى: (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون) إجابة الدعوة واستجابتها بمعنى.
والظاهر من السياق ان الخطاب في الآية للمشركين، وأنه من تمام كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أمر بقوله تعالى: (قل) أن يلقيه إليهم، وعلى هذا فضمير الجمع في قوله: (لم يستجيبوا) راجع إلى الالهة وكل من استعانوا به المدلول عليهم بقوله: (وادعوا من استطعتم من دون الله).
والمعنى: فإن لم يستجب لكم معاشر المشركين هؤلاء الذين دعوتموهم من