تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١١٦
والطمس - كما قيل - تغير إلى الدثور والدروس فمعنى (اطمس على أموالهم) غيرها إلى الفناء والزوال، وقوله: (واشدد على قلوبهم) من الشد المقابل للحل أي أقس قلوبهم واربط عليها ربطا لا ينشرح للحق فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم فهو الطبع على القلوب، وقول بعضهم: إن المراد بالشد تثبيتهم على المقام بمصر بعد الطمس على أموالهم ليكون ذلك أشد عليهم وآلم، وكذا قول آخرين:
إنه كناية عن إماتتهم وإهلاكهم من الوجوه البعيدة.
فمعنى الآية: وقال موسى - وكان ذلك بعد يأسه من إيمان فرعون وملئه ويقينه بأنهم لا يدومون إلا على الضلال والاضلال كما يدل عليه سياق كلامه في دعائه - ربنا إنك جازيت فرعون وملاه على كفرهم وعتوهم جزاء السوء فآتيتهم زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا إرادة منك لان يضلوا من اتبعهم عن سبيلك، وإرادتك لا تبطل وغرضك لا يلغو ربنا ادم على سخطك عليهم واطمس على أموالهم وغيرها عن مجرى النعمة إلى مجرى النقمة، واجعل قلوبهم مشدودة مربوطة فلا يؤمنوا حتى يقفوا موقفا لا ينفعهم الايمان وهو زمان يرون فيه العذاب الإلهي.
وهذا الدعاء من موسى عليه السلام على فرعون وملئه إنما هو بعد يأسه التام من إيمانهم، وعلمه أنه لا يترقب منهم في الحياة إلا أن يضلوا ويضلوا كدعاء نوح على قومه فيما حكاه الله: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) نوح: 27، وحاشا ساحة الأنبياء عليهم السلام أن يتكلموا على الخرص والمظنة في موقف يشافهون فيه رب العالمين جلت كبرياؤه وعز شأنه.
قوله تعالى: (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) الخطاب - على ما يدل عليه السياق - لموسى وهارون ولم يحك الدعاء في الآية السابقة إلا عن موسى، وهذا يؤيد ما ذكره المفسرون: أن موسى عليه السلام كان يدعو، وكان هارون يؤمن له وآمين دعاء فقد كانا معا يدعوان وإن كان متن الدعاء لموسى عليه السلام وحده.
والاستقامة هو الثبات على الامر، وهو منهما عليهما السلام الثبات على الدعوة
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378