إلى الله وعلى إحياء كلمة الحق، والمراد بالذين لا يعلمون الجهلة من شعب إسرائيل وقد وصفهم موسى عليه السلام بالجهل كما في قوله: (قال إنكم قوم تجهلون) الأعراف: 138.
والمعنى: (قال) الله مخاطبا لموسى هارون (قد أجيبت دعوتكما) من سؤال العذاب الأليم لفرعون وملئه، والطمس على أموالهم والشد على قلوبهم (فاستقيما) واثبتا على ما أمرتما به من الدعوة إلى الله وإحياء كلمة الحق (ولا تتبعان) البتة (سبيل الذين لا يعلمون) بإجابة ما يقترحون عليكما عن أهواء أنفسهم ودواعي شهواتهم، وفيه نوع تلويح إلى أنهم سيسألون أمورا فيها إحياء سنتهم القومية وسيرتهم الجاهلية.
وبالجملة فالآية تذكر إجابة دعوتهما المتضمنة لعذاب فرعون وملئه وعدم توفيقهم للايمان ووعدهما بذلك، ولذلك ذكر في الآية التالية وفاؤه تعالى بهذا الوعد بخصوصيته التي فيه.
ولم يكن في الدعاء ما يدل على مسألة الفور أو التراخي في القضاء عليهم بالعذاب وعلى ذلك جرى أيضا سياق الآية الدالة على القبول والاجابة وكذا الآية المخبرة عن كيفية إنجازه، وقد نقل في المجمع عن ابن جريح أن فرعون مكث بعد هذا الدعاء أربعين سنة قال: وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام، ورواه عنه عليه السلام في الاحتجاج وكذا في الكافي وتفسير العياشي عن هشام بن سالم عنه عليه السلام وفي تفسير القمي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عنه عليه السلام.
قوله تعالى: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا) إلى آخر الآية، البغى والعدو كالعدوان الظلم وإدراك الشئ اللحوق به والتسلط عليه كما أن اتباع الشئ طلب اللحوق به.
وقوله: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل) أي آمنت بأنه.
وقد وصف الله بالذي آمنت به بنو إسرائيل ليظفر بما ظفروا به بإيمانهم وهو مجاوزة البحر والأمان من الغرق، ولذلك أيضا جمع بين الايمان والاسلام ليزيل بذلك أثر ما كان يصر عليه من المعصية وهو الشرك بالله والاستكبار على الله، والباقي ظاهر.