تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١٠٥
فقال: (ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل).
أقول: قد فصلنا القول في ما يسمى عالم الذر في تفسير قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) الآية. وأوضحنا هناك أن آيات الذر تثبت عالما إنسانيا آخر غير هذا العالم الانساني المادي التدريجي المشوب بالآلام والمصائب والمعاصي والاثام المشهود لنا من طريق الحس.
وهو مقارن لهذا العالم المحسوس نوعا من المقارنة لكنه غير محكوم بهذه الأحكام المادية، وليس تقدمه على عالمنا هذا تقدما بالزمان بل بنوع آخر من التقدم نظير التقدم المستفاد من قوله: (أن يقول له كن فيكون) يس: 82 فإن (كن) و (يكون) يحكيان عن مصداق واحد وهو وجود الشئ خارجا لكن هذا الوجود بعينه بوجهه الذي إلى الله متقدم عليه بوجهه الاخر، وهو بوجهه الرباني غير تدريجي ولا زماني ولا غائب عن ربه ولا منقطع عنه بخلاف وجهه إلى الخلق على التفصيل الذي تقدم هناك.
والذي أوردناه من الرواية في هذا البحث الروائي تشير إلى عالم الذر كالذي مرت سابقا غير أنها تختص بمزية وهى ما فيها من لطيف التعبير بالظلال فإن بإجادة التأمل في هذا التعبير يتضح المراد أحسن الاتضاح فإن في الأشياء الكونية أمورا هي كالظلال في أنها لازمة لها حاكية لخصوصيات وجودها، وآثار وجودها ومع ذلك فهى هي وليست هي.
فإنا إذا نظرنا إلى الأشياء وجردنا النظر ومحضناه في كونها صنع الله وفعله المحض غير المنفك منه ولا المنفصل عنه - وهى نظرة حقة واقعية - لم يتحقق فيها إلا التسليم لله والخضوع لإرادته والتذلل لكبريائه والتعلق برحمته وأمر ربوبيته والايمان بوحدانيته وبما أرسل به رسله وأنزله إليهم من دينه.
وهذه الوجودات ظلال - أشياء وليست بأشياء - إذا قيست إلى وجودات الأشياء المادية، وأخذ العالم المادي أصلا مقيسا إليه وهو الذي بنت عليه الآيات من جهة كون غرضها بيان ثبوت التكليف بالتوحيد تكليفا لا محيص عنه مسؤولا عنه يوم القيامة.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378