تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٠
التنجية ببدنه، وخاصة مع وجود القرينة الدالة على أن المراد بالتنجية هي التي للبدن دون التي للانسان المستتبع لحفظ حياته وسلامته نفسا وبدنا، والقرينة هي قوله: (ببدنك).
قوله تعالى: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات) أي أسكناهم مسكن صدق، وإنما يضاف الشئ إلى الصدق نحو وعد صدق وقدم صدق ولسان صدق ومدخل صدق ومخرج صدق للدلالة على أن لوازم معناه وآثاره المطلوبة منه موجودة فيه صدقا من غير أن يكذب في شئ من آثاره التي يعدها بلسان دلالته الالتزامية لطالبه فوعد صدق مثلا هو الوعد الذي سيفى به واعده، ويسر بالوفاء به موعوده، ويحق أن يطمع فيه ويرجى وقوعه. فإن لم يكن كذلك فليس بوعد صدق بل وعد كذب كأنه يكذب في معناه ولوازم معناه.
وعلى هذا فقوله: (مبوأ صدق) يدل على أن الله سبحانه بوأهم مبوءا يوجد فيه جميع ما يطلبه الانسان من المسكن من مقاصد السكنى كطيب الماء والهواء وبركات الأرض ووفور نعمها والاستقرار فيها وغير ذلك، وهذه هي نواحي بيت المقدس والشام التي أسكن الله بني إسرائيل فيها وسماها الأرض المقدسة المباركة وقد قص القرآن دخولهم فيها.
وأما قول بعضهم: إن المراد بهذا المبوء مصر دخلها بنو إسرائيل واتخذوا فيها بيوتا فأمر لم يذكره القرآن. على أنهم لو فرض دخولهم فيها ثانيا لم يستقروا فيها استقرارا مستمرا، وتسمية ما هذا شأنه مبوء صدق مما لا يساعد عليه معنى اللفظ.
والآية أعني قوله: (ولقد بوأنا بني إسرائيل - إلى قوله - من الطيبات) مسوقة سوق الشكوى والعتبى، ويشهد به تذييلها بقوله: (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم، وقوله: (إن ربك يقضى بينهم) إلى آخر الآية بيان لعاقبة اختلافهم عن علم وبمنزلة أخذ النتيجة من القصة.
والمعنى: أنا أتممنا على بني إسرائيل النعمة وبوأناهم مبوء صدق ورزقناهم من الطيبات بعد حرمانهم من ذلك مدة طويلة كانوا فيها في أسارة القبط فوحدنا
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378