ويطيبوا أنفسهم فلا يضيقوا عليهم وينقصوا من إيذائهم والتشديد عليهم.
وأما ما قيل: إن الضمير راجع إلى فرعون لأنه ذو أصحاب أو للذرية لانهم كانوا من القبط فمما لا يصار إليه البتة وخاصة أول الوجهين.
وقوله: (أن يفتنهم) أي يعذبهم ليعودوا إلى ملته، وقوله: (وإن فرعون لعال في الأرض) أي والظرف هذا الظرف وهو أن فرعون عال في الأرض مسرف في الامر.
فالمعنى - والله أعلم - فتفرع على قصة بعثهما واستكبار فرعون وملاه أنه لم يؤمن بموسى إلا ضعفاء من بني إسرائيل وهم يخافون ملاهم ويخافون فرعون أن يعذبهم لايمانهم وكان ينبغي لهم ومن شأنهم أن يخافوا فإن فرعون كان يومئذ عاليا في الأرض مسلطا عليهم وأنه كان من المسرفين لا يعدل فيما يحكم ويجاوز الحد في الظلم والتعذيب.
ولو صح أن يراد بقومه كل من بعث إليهم موسى وبلغهم الرسالة وهم القبط وبنو إسرائيل استقام الكلام من طريق آخر من غير حاجة إلى ما تقدم من تكلفاتهم.
قوله تعالى: (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) ما كان الايمان بالله بما يفيده للمؤمن من العلم بمقام ربه ولو إجمالا وأنه سبب فوق الأسباب إليه ينتهى كل سبب، وهو المدبر لكل أمر، يدعوه إلى تسليم الامر إليه والتجنب عن الاعتماد بظاهر ما يمكنه التسبب به من الأسباب فإنه من الجهل، ولازم ذلك إرجاع الامر إليه والتوكل عليه، وقد أمرهم في الآية بالتوكل على الله، علقه أولا على الشرط الذي هو الايمان ثم تمم الكلام بالشرط الذي هو الاسلام.
فالكلام في تقدير: إن كنتم آمنتم بالله ومسلمين له فتوكلوا عليه. وقد فرق بين الشرطين ولعله لم يجمع بينهما فيقول: (إن كنتم آمنتم وأسلمتم فتوكلوا) لاختلاف الشرطين بحسب الحال فقد كان الايمان واقعا محرزا منهم، وأما الاسلام فهو من كمال