في مقام التفصيل.
وبالجملة فالآية: (اليوم ننجيك ببدنك) كالصريح أو هو صريح في أن النفوس وراء الأبدان، وأن الأسماء للنفوس دون الأبدان إلا ما يطلق على الأبدان بعناية الاتحاد.
فمعنى (ننجيك ببدنك) نخرج بدنك من اليم وننجيه، وهو نوع من تنجيتك - لما بين النفس والبدن من الاتحاد القاضي بكون العمل الواقع على أحدهما واقعا بنحو على الاخر - لتكون لمن خلفك آية، وهذا بوجه نظير قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) طه: 55 فإن الذي يعاد إلى الأرض هو جسد الانسان دون الانسان التام فليست نسبة الإعادة إلى الانسان إلا لما بين نفسه وبدنه من الاتحاد.
وقد ذكر المفسرون أن الانجاء والتنجية لما كان دالا بلفظه على سلامة الذي أنجى إنجاء كان مفاد قوله: (ننجيك) أن يكون فرعون خارجا من اليم حيا وقد أخرجه الله ميتا فالمتعين أخذ قوله: (ننجيك) من النجوة وهى الأرض المرتفعة التي لا يعلوها السيل، والمعنى اليوم نخرج بدنك إلى نجوة من الأرض.
وربما قال بعضهم: إن المراد بالبدن الدرع، وقد كان لفرعون درع من ذهب يعرف به فأخرجه الله فوق الماء بدرعه ليكون لمن خلفه آية وعبرة، وربما قال بعضهم إن التعبير بالتنجية تهكم به.
والحق أن هذا كله تكلف لا حاجة إليه، ولم يقل: (ننجيك) وإنما قيل (ننجيك ببدنك) ومعناه ننجي بدنك، والباء للآلية أو السببية، والعناية هي الاتحاد الذي بين النفس والبدن.
على أن جعل (ننجيك ببدنك) بمعنى نجعلك على نجوة من الأرض لا يفي بدفع الاشكال من أصله فإن الذي جعل على نجوة هو بدن فرعون على قولهم، وهو غير فرعون قطعا وإلا كان حيا سالما، ولا مناص إلا أن يقال: إن ذلك بعناية الاتحاد الذي بين الانسان وبدنه، ولو صححت هذه العناية إطلاق اسم الانسان على بدنه من غير نفس لكان لها أن تصحح نسبة التنجية إلى الانسان من جهة وقوع