تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١١٩
في مقام التفصيل.
وبالجملة فالآية: (اليوم ننجيك ببدنك) كالصريح أو هو صريح في أن النفوس وراء الأبدان، وأن الأسماء للنفوس دون الأبدان إلا ما يطلق على الأبدان بعناية الاتحاد.
فمعنى (ننجيك ببدنك) نخرج بدنك من اليم وننجيه، وهو نوع من تنجيتك - لما بين النفس والبدن من الاتحاد القاضي بكون العمل الواقع على أحدهما واقعا بنحو على الاخر - لتكون لمن خلفك آية، وهذا بوجه نظير قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) طه: 55 فإن الذي يعاد إلى الأرض هو جسد الانسان دون الانسان التام فليست نسبة الإعادة إلى الانسان إلا لما بين نفسه وبدنه من الاتحاد.
وقد ذكر المفسرون أن الانجاء والتنجية لما كان دالا بلفظه على سلامة الذي أنجى إنجاء كان مفاد قوله: (ننجيك) أن يكون فرعون خارجا من اليم حيا وقد أخرجه الله ميتا فالمتعين أخذ قوله: (ننجيك) من النجوة وهى الأرض المرتفعة التي لا يعلوها السيل، والمعنى اليوم نخرج بدنك إلى نجوة من الأرض.
وربما قال بعضهم: إن المراد بالبدن الدرع، وقد كان لفرعون درع من ذهب يعرف به فأخرجه الله فوق الماء بدرعه ليكون لمن خلفه آية وعبرة، وربما قال بعضهم إن التعبير بالتنجية تهكم به.
والحق أن هذا كله تكلف لا حاجة إليه، ولم يقل: (ننجيك) وإنما قيل (ننجيك ببدنك) ومعناه ننجي بدنك، والباء للآلية أو السببية، والعناية هي الاتحاد الذي بين النفس والبدن.
على أن جعل (ننجيك ببدنك) بمعنى نجعلك على نجوة من الأرض لا يفي بدفع الاشكال من أصله فإن الذي جعل على نجوة هو بدن فرعون على قولهم، وهو غير فرعون قطعا وإلا كان حيا سالما، ولا مناص إلا أن يقال: إن ذلك بعناية الاتحاد الذي بين الانسان وبدنه، ولو صححت هذه العناية إطلاق اسم الانسان على بدنه من غير نفس لكان لها أن تصحح نسبة التنجية إلى الانسان من جهة وقوع
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378