كذلك نطبع على قلوب المعتدين - 74.
(بيان) تذكر الآيات إجمال قصة نوح عليه السلام ومن بعده من الرسل إلى زمن موسى وهارون عليهما السلام، وما عامل به الله سبحانه أممهم المكذبين لرسلهم حيث أهلكهم ونجا رسله والمؤمنين بهم ليعتبر بها أهل التكذيب من هذه الأمة.
قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ نوح) إلى آخر الآية المقام مصدر ميمي واسم زمان ومكان من القيام، والمراد به الأول أو الثالث أي قيامي بأمر الدعوة إلى توحيد الله أو مكانتي ومنزلتي وهى منزلة الرسالة، والاجماع العزم وربما يتعدى بعلى قال الراغب: وأجمعت كذا أكثر ما يقال فيما يكون جمعا يتوسل إليه بالفكرة نحو فأجمعوا كيدكم وشركاءكم.
والغمة هي الكربة والشدة وفيه معنى التغطية كأن الهم يغطى القلب، ومنه الغمام للغيم سمى به لتغطيته وجه السماء، والقضاء إلى الشئ إتمام أمره بقتل وإفناء ونحو ذلك.
ومعنى الآية: (واتل) يا محمد (عليهم نبأ نوح) وخبره العظيم حيث واجه قومه وهو واحد يتكلم عن نفسه، وهو مرسل إلى أهل الدنيا فتحدى عليهم بأن يفعلوا به ما بدا لهم إن قدروا على ذلك، وأتم الحجة على مكذبيه في ذلك (إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي) ونهضتي لأمر الدعوة إلى التوحيد أو منزلتي من الرسالة (وتذكيري بآيات الله) وهو داعيكم لا محالة إلى قتلى وإيقاع ما تقدرون عليه من الشر بي لإراحة أنفسكم منى (فعلى الله توكلت) قبال ما يهددني من تحرج صدوركم وضيق نفوسكم على بإرجاع أمري إليه وجعله وكيلا يتصرف في شؤوني ومن غير أن أشتغل بالتدبير (فأجمعوا أمركم وشركاءكم) الذين تزعمون أنهم ينصرونكم في الشدائد، واعزموا على بما بدا لكم، وهذا أمر تعجيزي (ثم لا يكن