تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٧٩
كانوا يقدسونه ويحترمونه، وصديق العدو عدو، ثم ذمهم الله تعالى بقوله: " لبئس ما قدمت لهم أنفسهم " وهو ولاية الكفار عن هوى النفس، وكان جزاؤه ووباله " أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون "، ففي الآية وضع جزاء العمل وعاقبته موضع العمل كأن أنفسهم قدمت لهم جزاء العمل بتقديم نفس العمل.
قوله تعالى: " ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون " أي ولو كان أهل الكتاب هؤلاء يؤمنون بالله والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما أنزل إليه، أو نبي أنفسهم كموسى مثلا وما انزل إليه كالتوراة مثلا ما اتخذوا أولئك الكفار أولياء لأن الايمان يجب سائر الأسباب، ولكن كثيرا منهم فاسقون متمردون عن الايمان.
وفى الآية وجه آخر احتملوه، وهو أن يرجع ضمائر قوله: " كانوا " و " يؤمنون " و " هم " في قوله: " ما اتخذوهم " راجعة إلى الذين كفروا، والمعنى: ولو كان الذين كفروا أولئك الكفار الذين يتولاهم أهل الكتاب يؤمنون بالله والنبي والقرآن ما اتخذتهم أهل الكتاب أولياء، وإنما تولوهم لمكان كفرهم، وهذا وجه لا بأس به غير أن الاضراب في قوله: " ولكن أكثرهم فاسقون " لا يلائمه.
قوله تعالى: " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا - إلى قوله - نصارى " لما بين سبحانه في الآيات السابقة الرذائل المشتركة بين أهل الكتاب عامة، وبعض ما يختص ببعضهم كقول اليهود: " يد الله مغلولة " وقول النصارى: " إن الله هو المسيح ابن مريم " ختم الآيات بما يختص به كل من الطائفتين إذا قيس حالهم من المؤمنين ودينهم، وأضاف إلى حالهم حال المشركين ليتم الكلام في وقع الاسلام من قلوب الأمم غير المسلمة من حيث قربهم وبعدهم من قبوله.
ويتم الكلام في أن النصارى أقرب تلك الأمم مودة للمسلمين واسمع لدعوتهم الحقة.
وإنما عدهم الله سبحانه أقرب مودة للمسلمين لما وقع من إيمان طائفة منهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يدل عليه قوله في الآية التالية: " وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول " (الخ)، لكن لو كان إيمان طائفة تصحح هذه النسبة إلى جميعهم كان من الواجب أن تعد اليهود والمشركون كمثل النصارى وينسب إليهما نظير ما نسب إليهم لمكان إسلام طائفة من
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376