تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٧٧
والقول بأن عزيرا ابن الله وإن كان غير ظاهر اليوم عند اليهود لكن الآية تشهد بأنهم كانوا يقولون ذلك في عصر النزول.
والظاهر أن ذلك كان لقبا تشريفيا يلقبونه به قبال ما خدمهم وأحسن إليهم في إرجاعهم إلى أورشليم (بيت المقدس) بعد اسارة بابل، وجمع لهم التوراة ثانيا بعد ضياعه في قصة بخت نصر، وقد كانوا يعدون بنوة الله لقبا تشريفيا كما يتخذ النصارى اليوم الأبوة كذلك ويسمون الباباوات والبطارقة والقسيسين بالاباء (الباب والبابا: الأب) وقد قال تعالى: " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " (المائدة: 18).
بل الآية الثانية أعني قوله: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم " تدل على ذلك حيث اقتصر فيها على ذكر المسيح عليه السلام، ولم يذكر عزيرا فدل على دخوله في عموم قوله: " أحبارهم ورهبانهم " وأنهم إنما كانوا يسمونه ابن الله كما يسمون أحبارهم أبناء الله، وقد خصوه بالذكر وحده شكرا لاحسانه إليهم كما تقدمت الإشارة إليه.
وبالجملة وضعهم بعض أنبيائهم وأحبارهم ورهبانهم موضع الربوبية وخضوعهم لهم بمالا يخضع بمثله إلا لله سبحانه غلو منهم في دينهم ينهاهم الله عن ذلك بلسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم. وتقييد الغلو في الدين بغير الحق - ولا يكون الغلو إلا كذلك - إنما هو للتأكيد وتذكير لازم المعنى مع ملزومه لئلا يذهل عنه السامع وقد ذهل حين غلا أو كان كالذاهل.
وإطلاق الأب على الله سبحانه بتحليل معناه وتجريده عن وسمة نواقص المادة الجسمانية أي من بيده الايجاد والتربية، وكذلك الابن بمعناه المجرد التحليلي وإن لم يمنعه العقل لكنه ممنوع شرعا لتوقيفية أسماء الله سبحانه لما في التوسع في إطلاق الأسماء المختلفة عليه تعالى من المفاسد، وكفى مفسدة في إطلاق الأب والابن ما لقيته الأمتان:
اليهود والنصارى وخاصة النصارى من أولياء الكنيسة خلال قرون متمادية ولن يزال الامر على ذلك.
قوله تعالى: " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376