تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٣٥١
وإذ كان كذلك وكان من حق قوانين الحياة أن تبتنى على أساس البنية الطبيعية كان من الواجب أن يعيش الانسان حرا في نفسه وحرا في عمله، ومن هذا الثدي يرتضع إلغاء الاستعباد.
لكن ينبغي لنا أن نتأمل هذه الحرية الموهوبة للانسان هل هي في المجتمع الانساني على إطلاقها منذ ولدت وعاشت في البنى الانسانية؟.
فلم يزل النوع الانساني - فيما نعلم - يعيش في حال الاجتماع ولا يسعه بحسب جهازه الوجودي إلا ذلك، ومن المحال أن يدوم مجتمع في حال الاجتماع ولو حينا ما إلا مع سنة مشتركة بين أفراد المجتمع سواء كانت سنة عادلة تعقلية أو سنة جائرة أو مجازفة أو بأي وصف اتصفت، وهذه السنة كيفما كانت تحدد الحرية الفردية.
على أن الانسان لا يتأتى له أن يعيش إلا مع تصرف ما في المادة يضمن له البقاء ولا يتأتى له ذلك إلا بأن يختص بما يتصرف فيه نوعا من الاختصاص الذي نسميه بالملك - أعم من الحق والملك المصطلح عليه - فالذي يلبسه هذا حين يلبس لا يسع لذاك أن يلبسه والذي يأكله فرد أو يشربه أو يشغله بالتمكن فيه لا يمكن لغيره أن يستقل به، وليس ذلك إلا تحديدا لغير المتصرف في إطلاق إرادته، وتقييدا لحريته.
ولم يزل الاختلاف يلازم هذا النوع منذ سكن الأرض فلم يمض على هؤلاء الافراد المنتشرة في رحب الأرض يوم إلا وتطلع فيه الشمس على اختلافات، وتغيب عن اختلافات تسير بهم إلى فناء نفوس وضيعة أعراض وانتهاب أموال، ولو كان الانسان يرى لنفسه - أي للانسانية - حرية مطلقة لم يكن لهذه الاختلافات بينهم أثر.
وسنة المجازاة والمؤاخذة لم تزل دائرة معمولة بين المجتمعات المتنوعة مدينة كانت أو همجية، ولا معنى للمجازاة إلا أن يملك المجتمع من الانسان المجرم بعض ما وهبه له الخلقة من النعم، وأن يسلب عنه بعض الحرية فلولا أن المجتمع أو من بيده الامر في المجتمع يملك من المجرم القاتل المحكوم بالقصاص حياته لما وسعه ان يسلبها عنه، ولولا أن الاثم المأخوذ بإثمه المؤاخذ بأنواع التعذيب والكناية كالقطع والضرب والحبس وغير ذلك يملك الحكم والاجراء منه ما يسلبه من شؤون الحياة أو الراحة أو السلطة المالية لما صح ذلك، وكيف يصح منع الجائر المتعدى أن يجور ويتعدى ولا الذب عن حريم
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376