مطلقا لا يختص بالمورد غير أنه لا يشمل موارد الحدود الشرعية وما يناظرها وإلا لغى التشريع على أن تعقيبه بقوله وشاورهم في الامر لا يخلو عن الاشعار بأن هذين الامرين إنما هما في ظرف الولاية وتدبير الأمور العامة مما يجري فيه المشاورة معهم وقوله فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين وإذا أحبك كان وليا وناصرا لك غير خاذلك ولذا عقب الآية بهذا المعنى ودعى المؤمنين أيضا إلى التوكل فقال إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ثم أمرهم بالتوكل بوضع سببه موضعه فقال وعلى الله فليتوكل المؤمنون أي لايمانهم بالله الذي لا ناصر ولا معين إلا هو.
قوله تعالى وما كان لنبي أن يغل الغل هو الخيانة قد مر في قوله تعالى ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب: آل عمران - 79 ان هذا السياق معناه تنزيه ساحة النبي عن السوء والفحشاء بطهارته والمعنى حاشا أن يغل ويخون النبي ربه أو الناس وهو أيضا من الخيانة لله والحال أن الخائن يلقى ربه بخيانته ثم توفى نفسه ما كسبت.
ثم ذكر أن رمى النبي بالخيانة قياس جائر مع الفارق فإنه متبع رضوان الله لا يعدو رضى ربه والخائن باء بسخط عظيم من الله ومأواه جهنم وبئس المصير وهذا هو المراد بقوله أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله الآية.
ويمكن أن يكون المراد به التعريض للمؤمنين بأن هذه الأحوال من التعرض لسخط الله والله يدعوكم بهذه المواعظ إلى رضوانه وما هما سواء.
ثم ذكر أن هذه الطوائف من المتبعين لرضوان الله والبائين بسخط من الله درجات مختلفة والله بصير بالاعمال فلا تزعموا أنه يفوته الحقير من خير أو شر فتسامحوا في اتباع رضوانه أو البوء بسخطه.
قوله تعالى لقد من الله على المؤمنين في الآية التفات آخر من خطاب المؤمنين إلى تنزيلهم منزلة الغيبة وقد مر الوجه العام في هذه الموارد من الالتفات والوجه الخاص بما ههنا أن الآية مسوقة سوق الامتنان والمن على المؤمنين لصفة إيمانهم ولذا قيل على المؤمنين ولا يفيده غير الوصف حتى لو قيل الذين آمنوا لان المشعر