قوله تعالى ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون الظاهر أن المراد مما يجمعون هو المال وما يلحق به الذي هو عمدة البغية في الحياة الدنيا.
وقد قدم القتل ههنا على الموت لان القتل في سبيل الله أقرب من المغفرة بالنسبة إلى الموت فهذه النكتة هي الموجبة لتقديم القتل على الموت ولذلك عاد في الآية التالية ولئن متم أو قتلتم لالى الله تحشرون إلى الترتيب الطبعي بتقديم الموت على القتل لفقد هذه النكتة الزائدة.
قوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم إلى آخر الآية الفظ هو الجافي القسي وغلظ القلب كناية عن عدم رقته ورأفته والانفضاض التفرق.
وفي الآية التفات عن خطابهم إلى خطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصل المعنى فقد لان لكم رسولنا برحمة منا ولذلك أمرناه أن يعفو عنكم ويستغفر لكم ويشاوركم في الامر وأن يتوكل علينا إذا عزم.
ونكتة الالتفات ما تقدم في أول آيات الغزوة أن الكلام فيه شوب عتاب وتوبيخ ولذلك اشتمل على بعض الاعراض في ما يناسبه من الموارد ومنها هذا المورد الذي يتعرض فيه لبيان حال من أحوالهم لها مساس بالاعتراض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن تحزنهم لقتل من قتل منهم ربما دلهم على المناقشة في فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورميه بأنه أوردهم مورد القتل والاستيصال فأعرض الله تعالى عن مخاطبتهم والتفت إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فخاطبه بقوله فبما رحمة من الله لنت لهم.
والكلام متفرع على كلام آخر يدل عليه السياق والتقدير وإذا كان حالهم ما تراه من التشبه بالذين كفروا والتحسر على قتلاهم فبرحمة منا لنت لهم وإلا لانفضوا من حولك والله أعلم.
وقوله فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر إنما سيق ليكون إمضاءا لسيرته صلى الله عليه وآله وسلم فإنه كذلك كان يفعل وقد شاورهم في أمر القتال قبيل يوم أحد وفيه إشعار بأنه إنما يفعل ما يؤمر والله سبحانه عن فعله راض.
وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يعفو عنهم فلا يرتب على فعالهم أثر المعصية وأن يستغفر فيسأل الله أن يغفر لهم وهو تعالى فاعله لا محالة واللفظ وإن كان