وهو خطأ فإنه على تقدير صحته نكتة للاستثناء المتصل لا الاستثناء المنقطع على أن هذه المعنويات من الحقائق إنما يصح أن يذكر لمثل قوله تعالى وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان: العنكبوت - 64 وقوله تعالى ما عندكم ينفد وما عند الله باق: النحل - 96 وقوله تعالى قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة: الجمعة - 11 وأما ما نحن فيه فجريان هذه النكتة توجب تشريع الباطل ويجل القرآن عن الترخيص في الباطل بأي وجه كان.
قوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم ظاهر الجملة أنها نهى عن قتل الانسان نفسه لكن مقارنتها قوله لا تأكلوا أموالكم بينكم حيث إن ظاهره أخذ مجموع المؤمنين كنفس واحدة لها مال يجب أن تأكلها من غير طريق الباطل ربما أشعرت أو دلت على أن المراد بالأنفس جميع نفوس المجتمع الديني المأخوذة كنفس واحدة نفس كل بعض هي نفس الآخر فيكون في مثل هذا المجتمع نفس الانسان نفسه ونفس غيره أيضا نفسه فلو قتل نفسه أو غيره فقد قتل نفسه وبهذه العناية تكون الجملة أعني قوله ولا تقتلوا أنفسكم مطلقة تشمل الانتحار الذي هو قتل الانسان نفسه وقتل الانسان غيره من المؤمنين.
وربما أمكن أن يستفاد من ذيل الآية أعني قوله إن الله كان بكم رحيما أن المراد من قتل النفس المنهى عنه ما يشمل إلقاء الانسان نفسه في مخاطرة القتل والتسبيب إلى هلاك نفسه المؤدى إلى قتله وذلك أن تعليل النهى عن قتل النفس بالرحمة لهذا المعنى أوفق وأنسب كما لا يخفى ويزيد على هذا معنى الآية عموما واتساعا وهذه الملائمة بعينها تؤيد كون قوله إن الله كان بكم رحيما تعليلا لقوله ولا تقتلوا أنفسكم فقط.
قوله تعالى ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما الآية العدوان مطلق التجاوز سواء كان جائزا ممدوحا أو محظورا مذموما قال تعالى فلا عدوان إلا على الظالمين:
البقرة - 193 وقال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان: المائدة - 2 فهو أعم موردا من الظلم ومعناه في الآية تعدى الحدود التي حدها الله تعالى والاصلاء بالنار الاحراق بها.
وفي الآية من حيث اشتمالها على قوله ذلك التفات عن خطاب المؤمنين إلى