خطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلويحا إلى أن من فعل ذلك منهم وهم نفس واحدة والنفس الواحدة لا ينبغي لها أن تريد هلاك نفسها فليس من المؤمنين فلا يخاطب في مجازاته المؤمنون وإنما يخاطب فيها الرسول المخاطب في شأن المؤمنين وغيرهم ولذلك بنى الكلام على العموم فقيل ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه ولم يقل ومن يفعل ذلك منكم.
وذيل الآية أعني قوله وكان ذلك على الله يسيرا يؤيد أن يكون المشار إليه بقوله ذلك هو النهى عن قتل الأنفس بناء على كون قوله إن الله كان بكم رحيما ناظرا إلى تعليل النهى عن القتل فقط لما من المناسبة التامة بين الذيلين فإن الظاهر أن المعنى هو أن الله تعالى إنما ينهاكم عن قتل أنفسكم رحمة بكم ورأفة وإلا فمجازاته لمن قتل النفس بإصلائه النار عليه يسير غير عسير ومع ذلك فعود التعليل وكذا التهديد إلى مجموع الفقرتين في الآية الأولى أعني النهى عن أكل المال بالباطل والنهى عن قتل النفس لا ضير فيه.
وأما قول بعضهم إن التعليل والتهديد أو التهديد فقط راجع إلى جميع ما ذكر من المناهى من أول السورة إلى هذه الآية وكذا قول آخرين إن ذلك إشارة إلى جميع ما ذكر من المناهى من قوله يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية: آية - 19 من السورة إلى هنا لعدم ذكر جزاء للمناهي الواقعة في هذه الآيات فمما لا دليل على اعتباره.
وتغيير السياق في قوله فسوف نصليه نارا بالخصوص عن سياق الغيبة الواقع في قوله إن الله كان بكم رحيما إلى سياق التكلم تابع للالتفات الواقع في قوله ذلك عن خطاب المؤمنين إلى خطاب الرسول ثم الرجوع إلى الغيبة في قوله وكان ذلك على الله يسيرا اشعار بالتعليل أي وذلك عليه يسير لأنه هو الله عز اسمه.
(بحث روائي) في المجمع: في قوله تعالى بالباطل - قولان أحدهما أنه الربا والقمار والبخس والظلم - قال: وهو المروى عن الباقر عليه السلام