إلى هؤلاء كما هو محتاج إلى أولئك على حد سواء كما قال تعالى بعضكم من بعض:
النساء - 25.
ولا ينافي ذلك اختصاص كل من الطائفتين بخصلة تختص به كاختصاص الرجال بالشدة والقوة نوعا واختصاص النساء بالرقة والعاطفة طبعا فإن الطبيعة الانسانية في حياتها التكوينية والاجتماعية جميعا تحتاج إلى بروز الشدة وظهور القوة كما تحتاج إلى سريان المودة والرحمة والخصلتان جميعا مظهرا الجذب والدفع العامين في المجتمع الانساني.
فالطائفتان متعادلتان وزنا وأثرا كما أن أفراد طائفة الرجال متساوية في الوزن والتأثير في هذه البنية المكونة مع اختلافهم في شؤونهم الطبيعية والاجتماعية من قوة وضعف وعلم وجهل وكياسة وبلادة وصغر وكبر ورئاسة ومرؤوسية ومخدومية وخادمية وشرف وخسة وغير ذلك.
فهذا هو الحكم الذي ينبعث من ذوق المجتمع المتوسط الجاري على سنة الفطرة من غير انحراف وقد قوم الاسلام أود الاجتماع الانساني وأقام عوجه فلا مناص من أن يجرى فيه حكم التسوية في المعاشرة وهو الذي نعبر عنه بالحرية الاجتماعية وحرية النساء كالرجال وحقيقتها أن الانسان بما هو إنسان ذو فكر وإرادة له أن يختار ما ينفعه على ما يضره مستقلا في اختياره ثم إذا ورد المجتمع كان له أن يختار ما يختار ما لم يزاحم سعادة المجتمع الانساني مستقلا في ذلك من غير أن يمنع عنه أو يتبع غيره من غير اختيار.
وهذا كما عرفت لا ينافي اختصاص بعض الطبقات أو بعض الافراد من طبقة واحدة بمزايا أو محروميته عن مزايا كاختصاص الرجال في الاسلام بالقضاء والحكومة والجهاد ووجوب نفقتهن على الرجال وغير ذلك وكحرمان الصبيان غير البالغين عن نفوذ الاقرار والمعاملات وعدم توجه التكاليف إليهم ونحو ذلك فجميع ذلك خصوصيات أحكام تعرض الطبقات وأشخاص المجتمع من حيت اختلاف أوزانهم في المجتمع بعد اشتراكهم جميعا في أصل الوزن الانساني الاجتماعي الذي ملاكه أن الجميع إنسان ذو فكر وإرادة.
ولا تختص هذه المختصات بشريعة الاسلام المقدسة بل توجد في جميع القوانين