إلى سر اختلاف السهام في وراثة الآباء والأبناء ونوع تعليم لهم خوطبوا به بلسان لا تدرون وأمثال هذه التعبيرات شائعة في اللسان.
على أنه لو كان الخطاب لغير الورثة أعني للناس من جهة أنهم سيموتون ويورثون آباءهم وأبناءهم لم يكن وجه لقوله أقرب لكم نفعا فإن الظاهر أن المراد بالانتفاع هو الانتفاع بالمال الموروث وهو إنما يعود إلى الورثة دون الميت.
وتقديم الآباء على الأبناء يشعر بكون الآباء أقرب نفعا من الأبناء كما في قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله: البقرة - 158 وقد مرت الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أبدء بما بدء الله الحديث.
والامر على ذلك بالنظر إلى آثار الرحم واعتبار العواطف الانسانية فإن الانسان أرأف بولده منه بوالديه وهو يرى بقاء ولده بقاءا لنفسه دون بقاء والديه فآباء الانسان أقوى ارتباطا وأمس وجودا به من أبنائه وإذا بنى الانتفاع الإرثي على هذا الأصل كان لازمه أن يذهب الانسان إذا ورث أباه مثلا بسهم أزيد منه إذا ورث ابنه مثلا وإن كان ربما يسبق إلى الذهن البدوي أن يكون الامر بالعكس.
وهذه الآية أعني قوله آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا من الشواهد على أنه تعالى بنى حكم الإرث على أساس تكويني خارجي كسائر الاحكام الفطرية الاسلامية.
على أن الآيات المطلقة القرآنية الناظرة إلى أصل التشريع أيضا كقوله فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم:
الروم - 30 تدل على ذلك وكيف يتصور مع وجود أمثال هذه الآيات أن يرد في الشريعة أحكام إلزامية وفرائض غير متغيرة وليس لها أصل في التكوين في الجملة.
وربما يمكن أن يستشم من الآية أعني قوله آباؤكم وأبناؤكم إلخ تقدم أولاد الأولاد على الأجداد والجدات فإن الأجداد والجدات لا يرثون مع وجود الأولاد وأولاد الأولاد.
قوله تعالى فريضة من الله الخ الظاهر أنه منصوب بفعل مقدر والتقدير خذوا أو ألزموا ونحو ذلك وتأكيد بالغ أن هذه السهام المذكورة قدمت إليكم وهي مفرزة