وأما كون سهم الرجل في الجملة ضعف سهم المرأة فقد اعتبر فيه فضل الرجل على المرأة بحسب تدبير الحياة عقلا وكون الانفاق اللازم على عهدته قال تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم: النساء - 34 والقوام من القيام وهو إدارة المعاش والمراد بالفضل هو الزيادة في التعقل فإن حياته حياة تعقلية وحياة المرأة إحساسية عاطفية وإعطاء زمام المال يدا عاقلة مدبرة أقرب إلى الصلاح من إعطائه يدا ذات إحساس عاطفي وهذا الاعطاء والتخصيص إذا قيس إلى الثروة الموجودة في الدنيا المنتقلة من الجيل الحاضر إلى الجيل التالي يكون تدبير ثلثي الثروة الموجودة إلى الرجال وتدبير ثلثها إلى النساء فيغلب تدبير التعقل على تدبير الاحساس والعواطف فيصلح أمر المجتمع وتسعد الحياة.
وقد تدورك هذا الكسر الوارد على النساء بما أمر الله سبحانه الرجل بالعدل في أمرها الموجب لاشتراكها مع الرجل فيما بيده من الثلثين فتذهب المرأة بنصف هذين الثلثين من حيث المصرف وعندها الثلث الذي تتملكها وبيدها أمر ملكه ومصرفه.
وحاصل هذا الوضع والتشريع العجيب أن الرجل والمرأة متعاكسان في الملك والمصرف فللرجل ملك ثلثي ثروة الدنيا وله مصرف ثلثها وللمرأة ملك ثلث الثروة ولها مصرف ثلثيها وقد لوحظ في ذلك غلبة روح التعقل على روح الاحساس والعواطف في الرجل والتدبير المالي بالحفظ والتبديل والانتاج والاسترباح أنسب وأمس بروح التعقل وغلبة العواطف الرقيقة والاحساسات اللطيفة على روح التعقل في المرأة وذلك بالمصرف أمس وألصق فهذا هو السر في الفرق الذي اعتبره الاسلام في باب الإرث والنفقات بين الرجال والنساء.
وينبغي أن يكون زيادة روح التعقل بحسب الطبع في الرجل ومزيته على المرأة في هذا الشأن هو المراد بالفضل الذي ذكره الله سبحانه في قوله عز من قائل الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض الآية دون الزيادة في البأس والشدة والصلابة فإن الغلظة والخشونة في قبيل الرجال وإن كانت مزية وجودية يمتاز بها الرجل من المرأة وتترتب عليها في المجتمع الانساني آثار عظيمة في أبواب الدفاع والحفظ والأعمال الشاقة وتحمل الشدائد والمحن والثبات والسكينة في الهزاهز والأهوال وهذه شؤون ضرورية في الحياة لا يقوم لها قبيل النساء بالطبع.