تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٨
قوله تعالى: فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن، الاعتزال هو أخذ العزلة والتجنب عن المخالطة والمعاشرة، يقال: عزلت نصيبه إذا ميزته ووضعته في جانب بالتفريق بينه وبين سائر الأنصباء، والقرب مقابل البعد يتعدى بنفسه وبمن، والمراد بالاعتزال ترك الاتيان من محل الدم على ما سنبين.
وقد كان للناس في أمر المحيض مذاهب شتى: فكانت اليهود تشدد في أمره، ويفارق النساء في المحيض في المأكل والمشرب والمجلس والمضجع، وفي التوراة أحكام شديدة في أمرهن في المحيض، وأمر من قرب منهن في المجلس والمضجع والمس وغيره ذلك، وأما النصارى فلم يكن عندهم ما يمنع الاجتماع بهن أو الاقتراب منهن بوجه، واما المشركون من العرب فلم يكن عندهم شئ من ذلك غير أن العرب القاطنين بالمدينة وحواليها سرى فيهم بعض آداب اليهود في أمر المحيض والتشديد في أمر معاشرتهن في هذا الحال، وغيرهم ربما كانوا يستحبون اتيان النساء في المحيض ويعتقدون ان الولد المرزوق حينئذ يصير سفاحا ولوعا في سفك الدماء وذلك من الصفات المستحسنة عند العشائر من البدويين.
وكيف كان فقوله تعالى: فاعتزلوا النساء في المحيض، وان كان ظاهره الامر بمطلق الاعتزال على ما قالت به اليهود، ويؤكده قوله تعالى ثانيا: ولا تقربوهن، إلا ان قوله تعالى أخيرا فأتوهن من حيث امركم الله - ومن المعلوم انه محل الدم - قرينة على أن قوله: فاعتزلوا ولا تقربوا، واقعان موقع الكناية لا التصريح. والمراد به الاتيان من محل الدم فقط لا مطلق المخالطة والمعاشرة ولا مطلق التمتع والاستلذاذ.
فالاسلام قد اخذ في أمر المحيض طريقا وسطا بين التشديد التام الذي عليه اليهود والاهمال المطلق الذي عليه النصارى، وهو المنع عن اتيان محل الدم والاذن فيما دونه وفي قوله تعالى في المحيض، وضع الظاهر موضع المضمر وكان الظاهر أن يقال:
فاعتزلوا النساء فيه والوجه فيه ان المحيض الأول أريد به المعنى المصدري والثاني زمان الحيض فالثاني غير الأول، ولا يفيد معناه تبديله من الضمير الراجع إلى غير معناه.
قوله تعالى: حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، الطهارة وتقابلها النجاسة - من المعاني الدائرة في ملة الاسلام ذات أحكام وخواص مجعولة فيها تشتمل على شطر عظيم من المسائل الدينية، وقد صار اللفظان بكثرة الاستعمال من
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة البقرة 4
2 (183 - 185) كلام في نزول القرآن في شهر رمضان، وفي ليلة القدر مع نزوله نجوما. (بحث قرآني) 15
3 (186) كلام في معنى الدعاء. (بحث قرآني) 30
4 (188) في أن المالكية من الأصول الثابتة الاجتماعية. (بحث علمي اجتماعي) 53
5 (190 - 195) الجهاد الذي يأمر به القرآن. (بحث قرآني) 64
6 (190 - 195) في لزوم الدفاع في المجتمع. (بحث اجتماعي) 69
7 (196 - 203) في متعة الحج وعموم تشريعها. (بحث روائي) 87
8 (208 - 210) في الرجعة ودفع شبهة المنكرين لها. (بحث روائي فلسفي) 106
9 (213) فيما يفيده القرآن في حقيقة الانسان وتاريخ نوعه. (بحث قرآني) 111 (213) بدء تكوين الانسان. (بحث قرآني) 112
10 (213) تركبه من روح وبدن. (بحث قرآني) 113
11 (213) شعوره الحقيقي وارتباطه بالأشياء. (بحث قرآني) 113
12 (213) علومه العملية. (بحث قرآني) 114
13 (213) جريه على استخدام غيره انتفاعا. (بحث قرآني) 116
14 (213) كونه مدنيا بالطبع. (بحث قرآني) 117
15 (213) حدوث الاختلاف بين أفراد الانسان. (بحث قرآني) 118
16 (213) رفع الاختلاف في الدين. (بحث قرآني) 120
17 (213) الاختلاف في نفس الدين. (بحث قرآني) 122
18 (213) الانسان بعد الدنيا. (بحث قرآني) 122
19 (213) في النظريات الدينية التي يستفاد من الآية وهي سبعة. والدليل المستفاد منها على النبوة العامة (بحث قرآني) 130
20 (213) كلام في عصمة الأنبياء. (بحث قرآني) 134
21 (213) كلام في النبوة. (بحث قرآني) 139
22 (213) أيضا في النبوة. (بحث فلسفي) 147
23 سورة البقرة أيضا في النبوة. (بحث اجتماعي) 149
24 (216 - 218) كلام في الحبط. (بحث قرآني) 167
25 (216 - 218) كلام في أحكام الأعمال من حيث الجزاء. (بحث علمي) 172
26 (216 - 218) من أحكام الأعمال تأثير بعضها في بعض. (بحث علمي) 173
27 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أنها محفوظة متجسمة. (بحث علمي) 180
28 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن بينها وبين الحوادث ارتباطا. (بحث علمي) 180
29 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الغلبة للحسنة على السيئة. (بحث علمي) 185
30 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الحسنة مطابقة لحكم العقل. (بحث علمي) 188
31 (224 - 227) كلام في معنى القلب في القرآن. (بحث قرآني) 223
32 (228 - 242) ألفاظ العلم والادراك في القرآن. (بحث قرآني) 247
33 (228 - 242) المرأة في الاسلام. (بحث علمي) 260
34 (228 - 242) حياة المرأة في الأمم الغير المتمدنة. (بحث علمي) 261
35 (228 - 242) في النكاح والطلاق. (بحث علمي) 277
36 (244 - 254) كلام في معنى السكينة. (بحث قرآني) 289
37 (244 - 254) بحث في تنازع البقاء، والانتخاب الطبيعي. (بحث علمي اجتماعي) 300
38 (253 - 254) كلام في معنى الكلام. (بحث قرآني) 314
39 (253 - 254) أيضا في ذلك. (بحث فلسفي) 325
40 (255) في معنى الحياة، وحياته تعالى. (بحث قرآني) 329
41 (255) في معنى القيام على الامر، وقيوميته تعالى. (بحث قرآني) 330
42 (256 - 257) في نفى الاكراه في الدين. (بحث قرآني) 342
43 (258 - 260) كلام في الاحسان وهدايته والظلم وإضلاله. (بحث قرآني) 356
44 (261 - 274) كلام في الانفاق. (بحث قرآني) 383
45 (275 - 281) في الربا. (بحث علمي) 428
46 (275 - 281) بحث آخر فيه. (بحث علمي) 431