الجزع من مرارة الفقر فيسرع إليها ان لا تصبر وتهم بالسؤال في كل موقف، والالحاف على كل أحد، كذا قيل، ولا يبعد ان يكون المراد نفى الالحاف لا أصل السؤال، ويكون المراد بالالحاف ما يزيد على القدر الواجب من إظهار الحاجة، فإن مسمى الاظهار عند الحاجة المبرمة لا بأس به بل ربما صار واجبا، والزائد عليه وهو الالحاف هو المذموم.
وفي قوله تعالى: تعرفهم بسيماهم دون ان يقال تعرفونهم نوع صون لجاههم وحفظ لسترهم الذي تستروا به تعففا من الانهتاك فإن كونهم معروفين بالفقر عند كل أحد لا يخلو من هوان أمرهم وظهور ذلهم. وأما معرفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحالهم بتوسمه من سيماهم، وهو نبيهم المبعوث إليهم الرؤوف الحنين بهم فليس فيه كسر لشأنهم، ولا ذهاب كرامتهم، وهذا - والله أعلم - هو السر في الالتفات عن خطاب المجموع إلى خطاب المفرد.
قوله تعالى: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار إلى آخر الآية، السر والعلانية متقابلان وهما حالان من ينفقون والتقدير مسرين ومعلنين، واستيفاء الأزمنة والأحوال في الانفاق للدلالة على اهتمام هؤلاء المنفقين في استيفاء الثواب، وإمعانهم في ابتغاء مرضاة الله، وإرادة وجهه، ولذلك تدلى الله سبحانه منهم فوعدهم وعدا حسنا بلسان الرأفة والتلطف فقال: لهم أجرهم عند ربهم الخ.
(بحث روائي) في الدر المنثور في قوله تعالى: والله يضاعف لمن يشاء الآية، اخرج ابن ماجة عن الحسن بن علي بن أبي طالب وأبي الدرداء وأبي هريرة وأبي امامة الباهلي و عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين كلهم يحدث عن رسول الله انه قال: ح، واخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من ارسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم، ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة ألف درهم ثم تلا هذه الآية: والله يضاعف لمن يشاء.