الضعفاء، واحترقت الجنة انقطعت الأسباب عنهم عند ذلك، فلا صاحب الجنة يمكنه ان يعيد لنفسه الشباب والقوة أو الأيام الخالية حتى يهيئ لنفسه نظير ما كان قد هيأها، ولا لذريته قوة على ذلك، ولا لهم رجاء ان ترجع الجنة بعد الاحتراق إلى ما كانت عليه من النضارة والاثمار.
والاعصار الغبار الذي يلتف على نفسه بين السماء والأرض كما يلتف الثوب على نفسه عند العصر.
وهذا مثل ضربه الله للذين ينفقون أموالهم ثم يتبعونه منا وأذى فيحبط عملهم ولا سبيل لهم إلى إعادة العمل الباطل إلى حال صحته واستقامته، وانطباق المثل على الممثل ظاهر، ورجا منهم التفكر لان أمثال هذه الأفاعيل المفسدة للأعمال انما تصدر من الناس ومعهم حالات نفسانية كحب المال والجاه والكبر والعجب والشح، لا تدع للانسان مجال التثبت والتفكر وتميز النافع من الضار، ولو تفكروا لتبصروا.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم الخ، التيمم هو القصد والتعمد، والخبيث ضد الطيب، وقوله: منه، متعلق بالخبيث، وقوله: تنفقون حال من فاعل لا تيمموا، وقوله: ولستم بآخذيه حال من فاعل تنفقون، وعامله الفعل، وقوله ان تغمضوا فيه في تأويل المصدر، واللام مقدر على ما قيل والتقدير إلا لاغماضكم فيه، أو المقدر باء المصاحبة والتقدير إلا بمصاحبة الاغماض.
ومعنى الآية ظاهر، وإنما بين تعالى كيفية مال الانفاق، وانه ينبغي ان يكون من طيب المال لا من خبيثه الذي لا يأخذه المنفق إلا بإغماض، فإنه لا يتصف بوصف الجود والسخاء، بل يتصور بصورة التخلص، فلا يفيد حبا للصنيعة والمعروف ولا كمالا للنفس، ولذلك ختمها بقوله: واعلموا ان الله غني حميد أي راقبوا في إنفاقكم غناه وحمده فهو في عين غناه يحمد إنفاقكم الحسن فأنفقوا من طيب المال، أو انه غني محمود لا ينبغي ان تواجهوه بما لا يليق بجلاله جل جلاله.
قوله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء إقامة للحجة على أن اختيار خبيث المال للانفاق ليس بخير للمنفقين بخلاف اختيار طيبه فإنه خير لهم، ففي النهى مصلحة أمرهم كما أن في المنهى عنه مفسدة لهم، وليس إمساكهم عن انفاق طيب