تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٣٩
(فإنك والكتاب إلى علي * كدابغة وقد حلم الأديم) في سورة والصافات عند قوله تعالى (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) فإنهم جوزوا أن تكون الواو فيه بمعنى مع كما في كل رجل وضيعته، فكما جاز السكوت على كل رجل وضيعته جاز أن يسكت على قوله (فإنكم وما تعبدون) لأن قوله وما تعبدون ساد مسد الخبر لأن معناه: فإنكم مع ما تعبدون لا تبرجون تعبدونها، ثم قال: ما أنتم عليه: أي على الله بفاتنين إلا من هو صال الجحيم: ومعنى فاتنين على الله مغروهم عليه بإغوائهم من قولك فتن فلان على فلان امرأته كما تقول أفسدها عليه، وضعف هذا أبو البقاء. ويجوز أن تكون الواو للعطف على اسم إن والأصل فإنكم ومعبوديكم ما أنتم عليه وهو تغليب الخطاب، وعلى هذا فيكون من أسلوب قول الوليد بن عقبة بن أبي معيط يحض معاوية على حرب علي بن أبي طالب عليه السلام: فإنك والكتاب الخ: أي فإنك مع كتابك إليه كدابغة حال حلم الأديم فلا يمكن الانتفاع به. والحلم بالتحريك: أن يفسد الإهاب في العمل ويقع فيه دود فينتقب، تقول منه حلم الأديم بالكسر.
(يا شاة ما قنص لمن أحلت له * حرمت على وليتها لم تحرم) هو لعنترة بن شداد. في سورة ص عند قوله تعالى (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) من حيث جعل النعجة استعارة عن المرأة كما استعاروا لها الشاة في قوله * يا شاة ما قنص لمن حلت له * وما زائدة والإضافة بمعنى من، ويجوز أن يكون التقدير شاة رجل ذي قنص فتكون صفة لمحذوف فقوله تعالى (فبما نقضهم - و - فبما رحمة من الله) يقول: يا هؤلاء اشهدوا شاة قنص لمن حلت له فتعجبوا من حسنها وجمالها فإنها قد حازت أتم الجمال ولكنها حرمت على وليتها حلت لي. قيل أراد بها زوجة أبيه، وقيل أراد بذلك أنها حرمت عليه باشتباك الحرب بين قبيلتيهما ثم تمنى بقاء الصلح بينهما.
(فتور القيام قطيع الكلام) * لعوب العشاء إذا لم تنم تبذ النساء بحسن الحديث * ودل رخيم وخلق عمم في سورة ص عند قوله تعالى (ولى نعجة واحدة) قال في الكشاف: فإن قلت: ما وجه قراءة ابن مسعود ولى نعجة أنثى؟ قلت: يقال امرأة أنثى للحسناء الجميلة، والمعنى: وصفتها بالعراقة في لين الأنوثة وفتورها وذلك أملح لها وأزيد في تكسرها وتثنيها: ألا ترى إلى وصفهم لها بالكسول والمكسال، وقوله فتور القيام قطيع الكلام الخ. قوله تبذ: أي تسبق، والدل: دلال المرأة في تغنج وتشكل، وقيل حسن رخيم الرخامة لين في النطق حسن، وخلق عمم أي تام.
(أستغفر الرحمن ذا التعظم * من اللغا ورفث التكلم) في سورة السجدة عند قوله تعالى (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) قرئ والغوا فيه بفتح الغين وضمها، يقال لغى في قوله كسعى ودعا ورضى، واللغو: الساقط من الكلام الذي لا طائل تحته، كما قال العجاج * من اللغا ورفث التكلم * والرفث: الجماع والفحش من القول وكلام النساء في الجماع، تقول منه رفث الرجل وأرفث، وقيل لابن عباس حين أنشد: * إن تصدق الطير ننك لميسا * أترفث وأنت محرم؟
فقال إنما الرفث، ما ووجه به النساء.
ويوما توافينا بوجه مقسم * (كأن ظبية تعطو إلى وأرق السلم)
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»
الفهرست