هو لأبى الطيب. في سورة يس عند قوله تعالى (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين) أي ولا ينجون من الموت بالغرق إلا لرحمة منا ولتمتيع بالحياة إلى حين أجل يموتون فيه لابد لهم منه بعد النجاة من موت الغرق، وقد أخذ أبو الطيب ذلك من الآية: أي سلمت من أحد أسبابه إلى أسبابه الأخر.
(زجر أبى عروة السباع إذا * أشفق أن يختلطن بالغنم) في سورة والصافات عند قوله تعالى (فإنما هي زجرة واحدة) والزجرة: الصيحة، من قولك زجر الراعي الغنم: إذا صاح عليها فريعت لصوته. والبيت للنابعة الجعدي. والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم كنيته أبو عروة، وكنيته المعروفة في الإسلام أبو الفضل، وكان ممن يضرب به المثل في شدة الصوت، وهم يزعمون أنه كان يصيح بالسباع فيفتق مرارة السبع في جوفه. يروى أن غارة أتتهم يوم حنين فصاح العباس يا صباحاه، فأسقطت الحوامل لشدة صوته. وفيه يقول نابغة بنى جعدة: زجر أبى عروة الخ. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الحجرات عند قوله تعالى (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول) قال ابن عباس:
لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله والله لا أكلمك إلا السرار أو أخا السرار حتى ألقى الله. وعن عمر رضي الله عنه أنه كان يكلم النبي صلى الله عليه وسلم كأخي السرار لا يسمعه حتى يستفهمه.
(وما بقيت من اللذات إلا * أحاديث الكرام على المدام) في سورة والصافات عند قوله تعالى (فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) والمعنى: يشربون ويتحادثون على الشراب على عادة الشرب وفيه لذتهم، ولقد أحسن القائل في هذا المعنى حيث قال:
ألا رب يوم قد تقضى بصاحب * يوازن حفظي للقريض بحفظه إذا لم تدر كأس المدامة بيننا * أديرت كؤوس بين لفظي ولفظه ويعجبني في هذا الباب قوله (هو كثير عزة):
ولما أخذنا من منى كل حاجة * ومسح بالأركان من هو ماسح وشدت على بيض المهاري رحالنا * ولم يدرك الغادي الذي هو رائح أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا * وسالت بأعناق المطي الأباطح ومن أحسن الشواهد وإن كان من قياس الغائب على الشاهد قوله:
ما في البلاد أخو وجد نطارحه * حديث نجد ولا خل نجاريه (هم الفاعلون الخير والآمرونه * إذا ما خشوا من حادث الدهر معظما) في سورة والصافات عند قوله تعالى (هل أنتم مطلعون) على تقدير القراءة بكسر النون: أي مطلعون إياي فوضع المتصل موضع المنفصل كقوله: * هم الفاعلون الخير والآمرونه * ووجه بتوجيهين: أحدهما أضعف من الآخر إثبات نون الجمع مع الضمير المتصل المتصل على نحو الآمرون الخير والفاعلونه، والبيت أشد موقعا لوجود اللام وإن كان لا اعتداد به. والثاني على إدخال نون الوقاية على اسم الفاعل قياسا على المضارع، نظيره:
وما أدرى وظني كل ظن * أمسلمني إلى قومي شراحى أراد شراحيل فرخم.