تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٣٦
وقيل إن مأرب اسم لقصر ذلك الملك، وفى ذلك يقول أبو الطمحان:
ألم تروا مأربا ما كان أحصنه * وما حواليه من سور وبنيان (عشية ما تغنى الرماح مكانها * ولا النبل إلا المشرفي المصمم) في سورة النمل عند قوله تعالى (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) حيث رفع اسم الله والله يتعالى أن يكون ممن في السماوات والأرض فنقول جاء على لغة بنى تميم حيث يقولون ما في الدار أحد إلا حمار، يريدون ما فيها إلا حمار كأن أحد لم يذكر، ومنه قوله: عشية ما تغنى الرماح الخ. وقولهم ما أتاني زيد إلا عمرو، والداعي إلى اختيار المذهب التميمي على الحجازي. قال في الكشاف: دعت إليه نكتة سرية حيث أخرج المستثنى مخرج قوله: إلا اليعافير بعد قوله ليس بها أنيسي ليئول المعنى إلى قولك: إن كان الله ممن في السماوات والأرض فهم يعلمون الغيب: يعنى إن علمهم الغيب في استحالته كاستحالة أن يكون منهم، كما أن معنى ما في البيت إن كانت اليعافير أنيسا ففيها أنيس بتا للقول بخلوها عن الأنيس. النبل: اسم للسهام العربية وصاحبها نابل.
والمشرفي: السيف القاطع. والمصمم من التصميم: وهو المضي في الأمر: أي المحدد، وعادة المتحاربين أن يتناضلوا أولا، فإذا تقاربوا حاربوا بالرماح، فإذا التقوا حاربوا بالمصاع وهو الضرب بالسيوف. الشاعر يصف شدة المحاربة والتقاء الصفين بحيث لا تغنى الرماح ولا النبل ولم يبق إلا الضرب بالسيوف القواطع، وتقديره عشية محاربة ما تغنى الرماح ولا النبل إلا المشرفي المصمم مكانها، وجاء في لغة بنى تميم: ما في الدار أحد إلا حمار، كأن أحد لم يذكر، ومنه قول الشاعر: عشية ما تغنى الخ، وقولهم ما أتاني زيد إلا عمرو، وما أعانه إخوانكم إلا إخوانه.
(ولقد شفى نفسي وأذهب غمها * قول الفوارس ويك عنتر أقدم) في سورة القصص عند قوله تعالى (ويكأنه لا يفلح الكافرون) على تقدير أن تكون الكاف حرف خطاب مفتوحة مضمومة إلى وى التي هي كلمة تنبيه: أي قولهم يا عنترة أقدم نحو العدو واحمل عليهم. يريد أن تعويلهم عليه والتجاءهم إليه شفى نفسه ونفى غمه، وفى رواية: وأبرأ سقمها. والبيت من معلقة عنترة بن شداد التي أولها:
هل غادر الشعراء من متردم * أم هل عرفت الدار بعد توهم يا دار عبلة بالجواء تكلمي * وعمى صباحا دار عبلة واسلمى ولقد نزلت فلا تظنى غيره * منى بمنزلة المحب المكرم ومنها: جادت عليه كل بكر حرة * فتركن كل قرارة كالدرهم أنثى على بما علمت فإنني * سمح مخالطتي إذا لم أظلم فإذا ظلمت فإن ظلمي باسل * مر مذاقته كطعم العلقم هلا سألت الخيل يا ابنة مالك * إن كنت جاهلة بما لم تعلم يخبرك من شهد الوقيعة أنني * أغشى الوغى وأعف عند المغنم ومنها: ومدجج كره الكماة نزاله * لا ممعن هربا ولا مستسلم جادت يداي له يعاجل طعنة * بمثقف صدق الكعوب مقوم
(٥٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 ... » »»
الفهرست